الأسود والأحائم، يعني بئر زمزم لأن الأحائم جمع أحوام والأحوام جمع أحوم وهو الماء في البئر؟ وأراد بئر زمزم أو أن الأصل الحوائم، ففيه قلب مكاني الأصل فواعل فصار أفاعل، والحوائم: هي الطير التي تحوم على الماء، والمراد حمام مكة لهو نجل أي نسل هاشم، من معشر أكارم، يبعث بالملاحم يعني الحروب وقتل كل ظالم، ثم قال هذا هو البيان: أخبرني به رئيس الجان، ثم قال الله أكبر، جاء الحق وظهر، وانقطع عن الجن الخبر، ثم سكن وأغمي عليه فما أفاق إلا بعد ثلاثة أيام، فقال لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سبحان الله لقد نطق عن مثل نبوة» أي وحي وإنه ليبعث يوم القيامة أمة وحده: أي مقام جماعة كما تقدم في نظيره.
قال: ومن ذلك ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن نفر من الأنصار قالوا: «بينا نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجم فاستنار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنتم تقولون في هذا النجم الذي يرمى به في الجاهلية؟» أي قبل البعث قالوا: يا رسول الله كنا نقول إذا رأينا يرمى بها: مات ملك ولد مولود، مات مولود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك كذلك، ولكن الله سبحانه وتعالى كان إذا قضى في خلقه أمرا سمعته حملة العرش فسبحوا فسبح من تحتهم بتسبيحهم فسبح من تحت ذلك، فلا يزال التسبيح يهبط حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فيسبحوا، ثم يقول بعضهم لبعض لم سبحتم؟ فيقولون: قضى الله في خلقه كذا وكذا له الأمر الذي كان» أي يكون في الأرض «فيهبط به من سماء إلى سماء» أي تقوله أهل كل سماء لمن يليهم «حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فتسترقه الشياطين بالسمع على توهم واختلاس، ثم يأتون به إلى الكهان، فيحدثونهم فيخطئون بعضا ويصيبون بعضا» .
أي وفي البخاري «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟
قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع، فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه» الحديث. وقولهم قال الحق:
أي ثم يذكرونه، لما تقدم من قولهم قضى الله في خلقه كذا وكذا، ولما يأتي.
وقوله صلى الله عليه وسلم، يرمى بها في الجاهلية صريح في أنه كان يرمى بالنجوم للحراسة في زمن الفترة بينه صلى الله عليه وسلم وبين عيسى عليه الصلاة والسلام قبل مولده صلى الله عليه وسلم. ويخالفه ما يأتي عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه «وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن الكهان؟ فقال: إنهم ليسوا بشيء، فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحيانا بالشيء يكون حقا، قال: تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة» ثم إنّ الله تعالى حجب الشياطين بهذه النجوم التي يقذفون بها فانقطعت الكهانة اليوم فلا كهانة.