للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يؤيد أن الشعل منفصلة من النجوم، ما جاء عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه أن النجوم كلها كالقناديل معلقة في السماء الدنيا كتعليق القناديل بالمساجد مخلوقة من نور. وقيل إنها معلقة بأيدي ملائكة، ويعضد هذا القول قوله تعالى:

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) [الانفطار: الآية ١ و ٢] إن انتثارها يكون بموت من كان يحملها من الملائكة. وقيل إن هذا ثقب في السماء، وقد وقع في سنة تسع وتسعين من القرن السادس أن النجوم ماجت وتطايرت تطاير الجراد، ودام ذلك إلى الفجر وأفزع الخلق، فلجؤوا إلى الله تعالى بالدعاء قال بعضهم: ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أقول: وقد وقع نظير ذلك في سنة إحدى وأربعين من القرن الثالث: ماجت النجوم في السماء، وتناثرت الكواكب كالجراد أكثر الليل، كان أمرا مزعجا لم ير مثله. ووقع في سنة ثلاثمائة تناثر النجوم تناثرا عجيبا إلى ناحية المشرق، والله أعلم.

وأما ما جاء من ذكره صلى الله عليه وسلم: أي ذكر اسمه وصفته وصفة أمته في الكتب القديمة: أي كالتوراة المنزلة على موسى عليه الصلاة والسلام لست ليال خلون من رمضان اتفاقا. والإنجيل المنزل على عيسى عليه الصلاة والسلام لثنتي عشرة خلت من رمضان، وقيل لثلاث عشرة، وقيل لثمان عشرة. والزبور المنزل على داود عليه الصلاة والسلام لثنتي عشرة، وقيل لثلاث عشرة، وقيل لثمان عشرة، وقيل في ست خلت من رمضان، وصحف شعياء، ويقال له أشعياء أو مزامير داود. وصحف شيث، فقد أنزلت عليه خمسون صحيفة، وقيل ستون. وصحف إبراهيم، فقد أنزل عليه عشرون صحيفة، وقيل ثلاثون أول ليلة من رمضان اتفاقا. وفي كتاب شعيب:

ولم يذكر صحف إدريس، وقد أنزلت عليه ثلاثون صحيفة.

وذكر بعضهم أن موسى عليه الصلاة والسلام أنزل عليه قبل التوراة عشرون صحيفة، وقيل عشر صحائف، وهذا كما لا يخفى يزيد على ما اشتهر أن الكتب المنزلة مائة وأربعة كتب.

وفي كلام بعضهم اتفقوا على أن القرآن أنزل لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان. وعن أبي قلابة «أنزلت الكتب كاملة ليلة أربع وعشرين من رمضان» وحينئذ يكون من حكى الاتفاق في التوراة وصحف إبراهيم لم يطلع على هذا أو لم يعتد به، فقد أشار إلى ذكره صلى الله عليه وسلم في جميع الكتب المنزلة الإمام السبكي رحمه الله تعالى في تائيته بقوله:

وفي كل كتب الله نعتك قد أتى ... يقص علينا ملة بعد ملة

وهذا كما لا يخفى أبلغ من قول بعضهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>