للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرض أن يكون اسما عربيا، مأخوذ من النجل: وهو الخروج، ومن ثم سمي الولد نجلا لخروجه، أو مشتق من النجل: وهو الأصل، يقال لعن الله أناجيله: أي أصوله، فسمي هذا الكتاب بهذا الاسم لأنه الأصل المرجوع إليه في ذلك الدين.

وقيل من النجلة وهي سعة العين لأنه أنزل وسعة لهم: أي لأن فيه تحليل بعض ما حرم عليهم.

ومن ذلك ما جاء من عطاء بن يسار قال: «لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال:

أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) [الأحزاب: الآية ٤٥] ، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك بالمتوكل، ليس بفظ: أي سيئ الخلق، ولا غليظ: أي شديد القول، ولا صخاب بالسين والصاد في الأسواق: أي لا يصيح فيها» وفي الحديث «أشد الناس عذابا كل جعار نعار سخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء. أي ملة إبراهيم التي غيرتها العرب وأخرجتها عن استقامتها، بأن يقولوا لا إله إلا الله، يفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا» أي لا تفهم كأنها في غلاف. قال عطاء: ثم لقيت كعب الأحبار رضي الله تعالى عنه فسألته فما أخطأ في حرف.

أقول: لكن في رواية كعب: وأعطى المفاتيح، ليبصرنّ الله به أعينا عورا، وليسمع به آذانا صما، ويقيم به ألسنة معوجة، يعين المظلوم، ويمنعه من أن يستضعف. وفيها وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما.

وعن بعض أحبار اليهود أنه قال: على جميع ما وصف به صلى الله عليه وسلم في التوراة وقفت إلا هذين الوصفين، وكنت أشتهي الوقوف عليها، فجاءه شخص يطلب منه ما يستعين به، وذكر له أنه لم يكن عنده ما يعينه به، فقلت: هذه دنانير ندفعها له، وتكون على كذا من التمر ليوم كذا ففعل، فجئته قبل الأجل بيومين أو ثلاثة، فأخذت بمجامع قميصه وردائه، ونظرت إليه بوجه غليظ وقلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ إنكم يا بني عبد المطلب مطل، فقال لي عمر: أي عدو الله: تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وهمّ بي، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكون وتؤدة وتبسم، ثم قال: «أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة- أي المطالبة- اذهب وأوفه حقه، وزده عشرين صاعا مكان ما رعته أي خفته فأسلم اليهوديّ» وذكر القصة.

وفي التوراة: لا يزال الملك في يهود إلى أن يجيء الذي إياه تنتظر الأمم: أي

<<  <  ج: ص:  >  >>