للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرتك، ففعل قال أبو ذر: فأخبرته فأرشدني وأوصلني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت» .

وفي الإمتاع «أن عليا استضاف أبا ذر ثلاثة أيام لا يسأله عن شيء وهو لا يخبره، ثم في الثالث قال له: ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة؟ قال له: إن كتمت علي أخبرتك قال: فإني أفعل، قال له: بلغنا أنه خرج هنا رجل يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر، فأردت أن ألقاه فقال له: أما إنك قد رشدت، هذا وجهي أي خروجي إليه فاتبعني، أدخل حيث أدخل فإن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي «وفي لفظ» كأني أريق الماء فامض أنت، قال أبو ذر: «فمضى ومضيت حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له:

«أعرض علي الإسلام فعرضه علي فأسلمت مكاني» الحديث.

وما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم له: «من كان يطعمك» وجواب أبي ذر له صلى الله عليه وسلم بقوله: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم يبعد أن يكون عليّ رضي الله تعالى عنه أضاف أبا ذر ولم يأكل عنده، وكذا يبعده ما جاء أن أبا بكر قال: يا رسول الله ائذن لي في إطعامه الليلة، قال أبو ذر: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا، فجعل يفيض لنا من زبيب الطائف، فكان ذلك أول طعام أكلته، إلا أن يحمل الطعام على خصوص الزبيب.

ويمكن التوفيق بين الروايتين: أي رواية دخوله على النبي صلى الله عليه وسلم مع علي فأسلم، ورواية اجتماعه به في الطواف فأسلم، بأن يكون أبو ذر دخل عليه أولا مع عليّ ثم لقيه في الطواف، ويكون المراد حينئذ بإسلامه الثاني الثبات عليه بتكرير الشهادتين، وعذره في عدم اجتماعه به في المسجد مدة ثلاثين يوما عدم خلو المطاف، كما يرشد لذلك قوله: ففي ليلة لم يطف بالبيت أحد إلى آخره، وإلا فيبعد أن يكون صلى الله عليه وسلم لم يدخل المسجد للطواف مدة ثلاثين يوما.

ويعد هذا الجمع قوله صلى الله عليه وسلم له: «من الرجل إلى آخره» ثم قال صلى الله عليه وسلم: لأبي ذر «يا أبا ذر اكتم هذا الأمر، وارجع إلى قومك فأخبرهم يأتوني، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل، فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخنّ بهذا بين ظهرانيهم، قال: وكنت في أول الإسلام خامسا» وفي رواية «رابعا» ولعل المراد من الإعراب فلا ينافي ما يأتي في وصف خالد بن سعيد «فلما اجتمعت قريش بالمسجد ناديت بأعلى صوتي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا قوموا إلى هذا الصابىء فضربت لأموت» وفي لفظ «فمال عليّ أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي فأكب عليّ العباس، ثم قال لهم: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجارتكم عليهم، فخلوا عني، قال: فجئت زمزم فغسلت عني الدماء، فلما أصبحت

<<  <  ج: ص:  >  >>