للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغداة رجعت لمثل ذلك، فصنع بي مثل ما صنع، وأدركني العباس، وكان منه كالأمس، فخرجت وأتيت أنيسا فقال ما صنعت؟ فقلت: قد أسلمت وصدقت، فقال: ما لي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت فأتينا أمنا، فقالت: ما لي رغبة عن دينكما، فإني أسلمت وصدقت ثم أتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم، وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا، فلما جاء المدينة أسلم نصفهم الثاني» أي لأنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: «إني وجهت إلى الأرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ قومك عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم، وجاءت أسلم: القبيلة المعروفة فقالوا يا رسول الله نسلم على الذي أسلم عليه إخواننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله» .

أي وقد ذكر أن أبا ذر وقف يوما عند الكعبة: أي في حجة حجها أو عمرة اعتمرها فاكتنفه الناس فقال لهم: لو أن أحدكم أراد سفرا أليس يعد زادا؟ فقالوا بلى، فقال سفر القيامة أبعد مما تريدون، فخذوا ما يصلحكم، قالوا: وما يصلحنا؟

قال: حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يوما شديدا حره ليوم النشور، وصلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور.

وممن أسلم خالد بن سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنه. قيل كان حين أسلم رابعا وقيل ثالثا وقيل خامسا. وهو أول من أسلم من إخوته. ويمكن أن يكون ذلك محمل قول ابنته أم خالد: أول من أسلم أبي: أي من إخوته.

وسبب إسلامه أنه رأى في النوم النار ورأى من فظاعتها وأهوالها أمرا مهولا، ورأى أنه على شفيرها، وأن أباه يريد أن يلقيه فيها، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحجزته يمنعه من الوقوع فيها، فقام من نومه فزعا وقال: أحلف بالله أن هذه الرؤيا حق وعلم أن نجاته من النار تكون على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى أبا بكر فذكر له ذلك، فقال له: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه، فأتاه فقال يا محمد إلا م تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده، لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع، فأسلم خالد.

وفي الوفاء عن أم خالد بنت خالد بن سعيد أنها قالت: كان خالد بن سعيد ذات ليلة نائما، قبيل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيت كأنه غشيت مكة ظلمة حتى لا يبصر امرؤ كفه، فبينما هو كذلك إذ خرج نور أي من زمزم، ثم علا في السماء فأضاء في البيت، ثم أصاب مكة كلها، ثم تحول إلى يثرب فأصابها حتى أني لأنظر إلى البسر في النخل، فاستيقظت فقصصتها على أخي عمرو بن سعيد وكان جزل الرأي، فقال: يا أخي إن هذا الأمر يكون في بني عبد المطلب ألا ترى أنه خرج من حفر أبيهم ثم إنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي بعد مبعثه، فقال: يا خالد أنا والله

<<  <  ج: ص:  >  >>