للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال إنها فيه، ولا يخفى أن عدم انغلاق الباب إنما كان آية، وإلا فجبريل عليه الصلاة والسلام لا يمنعه باب مغلق ولا غيره.

وفي رواية عن شداد بن أوس أنه قال «ثم انطلق بي» أي جبريل «حتى دخلنا المدينة» يعني مدينة بيت المقدس من بابها اليماني «فأتى قبلة المسجد فربط فيها دابته» .

قد يقال: لا يخالفه، لأنه يجوز أن يكون ذلك الباب كان بجانب قبلة المسجد، ولعل هذا الباب هو الباب اليماني الذي فيه صورة الشمس والقمر. ففي رواية «ودخل المسجد من باب فيه تمثال الشمس والقمر» أي مثالهما فيه، والله أعلم.

وأنكر حذيفة رضي الله تعالى عنه رواية ربط البراق وقال لم يفر منه، وقد سخره له عالم الغيب والشهادة. وردّ عليه بأن الأخذ بالحزم لا ينافي صحة التوكل.

فعن وهب بن منبه رضي الله عنه «الإيمان بالقدر لا يمنع الحازم من توقي المهالك» قال وهب: وجدته في سبعين من كتب الله عز وجل القديمة: أي ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم «أعقلها وتوكل» وقد كان صلى الله عليه وسلم يتزود في أسفاره ويعد السلاح في حروبه، حتى لقد ظاهر بين درعين في غزوة أحد. قال وفي رواية «فلما استوى النبي صلى الله عليه وسلم في صخرة المسجد قال جبريل: يا محمد هل سألت ربك أن يريك الحور العين؟ قال نعم، قال جبريل: فانطلق إلى أولئك النسوة فسلم عليهن فرددن عليه السلام، فقال: من أنتن؟

قلن خيرات حسان نساء قوم أبرار، نقوا فلم يدرنوا، وأقاموا فلم يظعنوا، وخلدوا فلم يموتوا» اهـ.

أقول: في كلام بعضهم أنه لم يختلف أحد أنه صلى الله عليه وسلم عرج به من عند القبة التي يقال لها قبلة المعراج من عند يمين الصخرة. وقد جاء «صخرة بيت المقدس من صخور الجنة» وفي لفظ «سيدة الصخور صخرة بيت المقدس» وجاء «صخرة بيت المقدس على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة» قال الذهبي:

إسناده مظلم، وهو كذب ظاهر.

قال الإمام أبو بكر بن العربي في شرحه لموطأ مالك: صخرة بيت المقدس من عجائب الله تعالى فإنها صخرة قائمة شعثاء في وسط المسجد الأقصى، قد انقطعت من كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، في أعلاها من جهة الجنوب قدم النبي صلى الله عليه وسلم حين ركب البراق، وقد مالت من تلك الجهة لهيبته صلى الله عليه وسلم، وفي الجهة الأخرى أصابع الملائكة التي أمسكتها لما مالت، ومن تحتها المغارة التي انفصلت من كل جهة، أي فهي معلقة بين السماء والأرض، وامتنعت

<<  <  ج: ص:  >  >>