وشمس الضحى طاعتك وقت مغيبها ... فما غربت بل وافقتك بوقفة
وجاء في بعض الروايات: أنها حبست له صلى الله عليه وسلم عن الطلوع، ففي رواية: أن بعضهم قال له أخبرنا عن عيرنا «قال مررت بها بالتنعيم، قالوا: فما عدتها وأحمالها ومن فيها؟ فقال: كنت في شغل عن ذلك، ثم قيل له ذلك فأخبر بعدتها وعدة أحمالها وعدة من فيها، وقال: تطلع عليكم عند طلوع الشمس، فحبس الله تعالى الشمس عن الطلوع حتى قدمت تلك العير» .
فلما خرجوا لينظروا فإذا قائل يقول: هذه الشمس قد طلعت، وقال آخر:
وهذه العير قد أقبلت فيها فلان وفلان كما أخبر محمد صلى الله عليه وسلم» . وعلى تقدير صحة هذه الروايات يجاب عنها بمثل ما تقدم والله أعلم، وحبس الشمس وقوفها عن السير: أي عن الحركة بالكلية، وقيل بطء حركتها، وقيل ردها إلى ورائها، قالوا: ولم تحبس له صلى الله عليه وسلم إلا ذلك اليوم وما قيل إنها حبست له صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن الغروب أيضا حتى صلى العصر معارض بأنه صلى الله عليه وسلم صلى العصر بعد غروب الشمس وقال «شغلونا عن الصلاة الوسطى» كما سيأتي، ثم رأيت في كلام بعضهم ما يؤخذ منه الجواب، وهو أن وقعة الخندق كانت أياما فحبست الشمس في بعض تلك الأيام إلى الاحمرار والاصفرار وصلى حينئذ، وفي بعضها لم تحبس بلى صلى بعد الغروب قال ذلك البعض: ويؤيده أن راوي التأخير إلى الغروب غير راوي التأخير إلى الحمرة أو الصفرة.
وجاء في رواية ضعيفة أن الشمس حبست عن الغروب لداود عليه الصلاة والسلام. وذكر البغوي أنها حبست كذلك لسليمان عليه الصلاة والسلام.
أي فعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه «أن الله أمر الملائكة الموكلين بالشمس حتى ردوها على سليمان حتى صلى العصر في وقتها» وهذا ردّ لها لا حبس لها عن غروبها الذي الكلام فيه. والذي في كلام بعضهم إنما ضرب سيدنا سليمان سوق خيله وأعناقها حيث ألهاه عرضها عليه عن صلاة العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، ولم يتصدق بها مبادرة لتعظيم أمر الله تعالى بالصلاة في وقتها لأن التصدق يحتاج إلى صرف زمن في دفعها وأخذها. وحبست كذلك ليوشع ابن أخت موسى عليه الصلاة والسلام وهو ابن نون بن يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام، أي وهو الذي قام بالأمر بعد موسى، لأن موسى عليه الصلاة والسلام لما وعده الله تعالى أن يورثه وقومه بني إسرائيل الأرض المقدسة التي هي أرض الشام، وكان سكنها الكنعانيون الجبارون، وأمر بمقاتلة أولئك الجبارين وهم العماليق، سار بمن معه وهم ستمائة ألف مقاتل حتى نزل قريبا من مدينتهم وهي أريحا، فبعث إليهم اثني عشر