وذكر صاحب النهاية أن جيحون نهر وراء خراسان عند بلخ، وسكت عن بيان سيحون فليتأمل.
قال «والذي غشي الشجرة فراش من ذهب» والفراش: هو الحيوان الذي يلقي نفسه في السراج ليحترق» وملائكة على كل ورقة ملك يسبح الله تعالى، وملائكة أي آخرون يغشونها كأنهم الغربان يأوون إليها متشوقين إليها متبركين بها زائرين كما يزور الناس الكعبة» اهـ.
«ورأى صلى الله عليه وسلم جبريل عند تلك السدرة على الصورة التي خلقه الله عز وجل عليها، له ستمائة جناح كل جناح منها قد سدّ الأفق يتناثر من أجنحته تهاويل الدر والياقوت مما لا يعلمه إلا الله عز وجل، وغشيت تلك السدرة سحابة، فتأخر جبريل عليه الصلاة والسلام، ثم عرج به صلى الله عليه وسلم: أي في تلك السحابة حتى ظهر لمستوى سمع فيه صرير الأقلام» وفي رواية «صريف» أي صوت حركتها حال الكتابة: أي ما تكتبه الملائكة من الأقضية، وهذا السياق يدل على أن جبريل لم يتعد سدرة المنتهى ويدل على ما تقدم من أن سدرة المنتهى فوق السماء السابعة إلى آخر ما تقدم، وهو الموافق لقول بعضهم إنها على يمين العرش.
وفي رواية «ثم انطلق بي أي جبريل إلى ظهر السماء السابعة حتى انتهى إلى نهر عليه خيام الياقوت واللؤلؤ والزبرجد، وعليه طير أخضر نعم الطير رأيت، قال جبريل: هذا الكوثر الذي أعطاك الله، فإذا فيه آنية الذهب والفضة، يجري على رضاض من الياقوت والزمرد بالذال المعجمة كما تقدم «وماؤه أشد بياضا من اللبن، فأخذت من آنيته واغترفت من ذلك فشربت، فإذا هو أحلى من العسل وأشدّ رائحة من المسك» .
أقول: قد تقدم أن هذا النهر من العين التي تخرج من سدرة المنتهى التي يقال لها السلسبيل: أي فهو يخرج من تلك الشجرة ويمر على ما ذكر، ثم يدخل الجنة ويستقر بها فلا ينافي كون الكوثر نهرا في الجنة، وأن السلسبيل عين في الجنة، لأن السلسبيل على ما تقدم أصل الكوثر، والله أعلم.
وفي رواية «إنها» أي سدرة المنتهى «في السماء السادسة وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض فيفيض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها فيفيض منها، وعندها تقف الحفظة وغيرهم فلا يتعدونها، ومن ثم سميت سدرة المنتهى.
وعن تفسير ابن سلام عن بعض السلف قال: إنما سميت سدرة المنتهى، لأن روح المؤمن ينتهي بها إليها، فتصلي عليها هناك الملائكة المقرّبون وجمع الحافظ ابن حجر بين كون سدرة المنتهى في السادسة، وكونها في السابعة بأن أصلها في