السادسة وأغصانها في السابعة: أي فوق السابعة: أي جاوزت السابعة، فلا ينافي القول بأنها فوق السابعة على ما تقدم، وهذا الحمل المقتضي لكون أصلها في السادسة لا يناسب كون الأنهار تخرج من أصلها إلى آخر ما تقدم.
ويروى «أن جبريل لما وصل إلى مقامه وهو سدرة المنتهى فوق السماء السابعة قال له صلى الله عليه وسلم: ها أنت وربك، هذا مقامي لا أتعداه، فزج بي في النور» أي لما غشيته تلك السحابة، ويعبر عن تلك السحابة بالرفرف. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني وهو نظير المحفة عندنا.
وفي تاريخ الشيخ العيني شارح البخاري عن مقاتل بن حيان، قال «انطلق بي جبريل حتى انتهى إلى الحجاب الأكبر عند سدرة المنتهى، قال جبريل: تقدم يا محمد، قال: فتقدمت حتى انتهيت إلى سرير من ذهب عليه فراش من حرير الجنة، فنادى جبريل من خلفي: يا محمد إن الله يثني عليك فاسمع وأطع ولا يهولنك كلامه، فبدأت بالثناء على الله عز وجل» الحديث، أي وفي ذلك النور المستوي الذي يسمع فيه صريف الأقلام ثم العرش والرفرف والرؤية وسماع الخطاب.
وفي رواية «أنه لما وقف جبريل، قال له صلى الله عليه وسلم: في مثل هذا المقام يترك الخليل خليله؟ قال: إن تجاوزت احترقت بالنار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل هل لك من حاجة إلى ربك؟ قال: يا محمد سل الله عز وجل لي أن أبسط جناحي على الصراط لأمتك حتى يجوزوا عليه، قال: ثم زج بي في النور فخرق بي إلى سبعين ألف حجاب ليس فيها حجاب يشبه حجابا، غلظ كل حجاب خمسمائة عام، وانقطع عني حس كل ملك، فلحقني عند ذلك استيحاش، فعند ذلك نادى مناد بلغة أبي بكر رضي الله تعالى عنه: قف إن ربك يصلي، فبينا أنا أتفكر في ذلك» أي في وجود أبي بكر في هذا المحل وفي صلاة ربي، فأقول: هل سبقني أبو بكر وكيف يصلي ربي وهو غني عن أن يصلي كما يدل على ذلك ما يأتي «فإذا النداء من العلي الأعلى:
ادن يا خير البرية، ادن يا أحمد، ادن يا محمد، فأدناني ربي حتى كنت كما قال عز وجل ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩)[النجم: الآية ٨] .
وفي الخصائص الصغرى «وخص بالإسراء وما تضمنه اختراق السموات السبع والعلوّ إلى قاب قوسين ووطئه مكانا ما وطئه نبي مرسل ولا ملك مقرب وهذه الرواية ككلام الخصائص تدل على أن فاعل دنا وتدلى واحد وكان هو صلى الله عليه وسلم، وحينئذ يكون معنى تدلى زاد في القرب. وجعل بعض العلماء من جملة ما خالف شريك فيه المشهور من الروايات أنه جعل فاعل دنا فتدلّى الحق سبحانه وتعالى: أي دنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان من محمد صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أو أدنى، ثم رأيت الحافظ ابن حجر ذكر عن البيهقي أنه روي بسند حسن ما يوافق ما ذكر شريك، ومعلوم أن معنى