للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمته بأنها أفضل الأمم. وفي رواية عن ابن عمر «كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مرات، وغسل الثوب من البول سبع مرات، ولم يزل صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا، وغسل الجنابة مرة، وغسل الثوب من البول مرة» .

قال: وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت لجبريل:

ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة» انتهى. هذا والراجح عند أئمتنا أن درهم الصدقة أفضل من درهم القرض.

وبيان كون درهم القرض بثمانية عشر درهما أن درهم القرض بدرهمين من دراهم الصدقة كما جاء في بعض الروايات، ودرهم الصدقة بعشر تصير الجملة عشرين، ودرهم القرض يرجع للمقرض بدله وهو بدرهمين من عشرين يتخلف ثمانية عشر.

«وعرضت عليه صلى الله عليه وسلم النار، فإذا فيها غضب الله تعالى» أي نقمته «لو طرحت فيها الحجارة والحديد لأكلتهما» وفي هذه الرواية زيادة على ما تقدم، وهي «فإذا قوم يأكلون الجيف، فقال صلى الله عليه وسلم: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس» أي وتقدم «أنه صلى الله عليه وسلم رأى هؤلاء في الأرض وأن لهم أظفارا من حديد يخمشون بها وجوههم وصدورهم، ورآهم في السماء الدنيا، وأنهم يقطعون اللحم من جنوبهم فيلقمونه» ولينظر ما الحكمة في تكرير رؤية هؤلاء دون غيرهم من بقية أهل الكبائر الذين رآهم في الأرض وفي السماء الدنيا، ولعل الحكمة في ذلك المبالغة في الزجر عن الغيبة لكثرة وقوعها.

«ورأى فيها رجلا أحمر أرزق، فقال: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا عاقر الناقة» أي ولعل دخول الجنة وعرض النار عليه صلى الله عليه وسلم كان قبل أن تغشاه السحابة ويزج به في النور، ولا مانع من أن تعرض عليه النار وهو فوق السماء السابعة وهي في الأرض السابعة.

أقول: ونقل القرطبي في تفسيره عن الثعلبي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأيت ليلة أسري بي إلى السماء تحت العرش سبعين مدينة كل مدينة مثل دنياكم هذه سبعين مرة مملوآت من الملائكة يسبحون الله عز وجل ويقدسونه، ويقولون في تسبيحهم: اللهم اغفر لمن شهد الجمعة» أي صلاتها «اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة» أي لصلاتها، وهذا يفيد أن هذه التسمية أي تسمية ذلك اليوم بيوم الجمعة معروفة عند الملائكة وعنده صلى الله عليه وسلم، وهو يوافق ما قيل إن المسمى لها بذلك كعب بن لؤيّ كما تقدم، ويخالف ما سيأتي من أن تسمية

<<  <  ج: ص:  >  >>