ذلك اليوم بيوم الجمعة هداية من الله عز وجل للمسلمين بالمدينة، وأنه لما أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلوها في ذلك اليوم لم يسمه بيوم الجمعة، بل اقتصر على قوله اليوم الذي يليه اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم، أي في أكثر الروايات، وإلا فقد رأيت السهيلي ذكر حديثا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سمي ذلك اليوم بيوم الجمعة، ونصه «كتب صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير: أما بعد، فانظر اليوم الذي يليه اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة، فتقربوا إلى الله تعالى فيه بركعتين» فعلى أكثر الروايات يجوز أن يكون اخباره صلى الله عليه وسلم بذلك هنا: أي في قصة المعراج كان بعد التسمية وصلاة الجمعة، وعبر بهذه العبارة لكونها عرفت لهم، فيكون الذي سمعه من الملائكة يوم العروبة مثلا، والله أعلم.
قال «ورأى صلى الله عليه وسلم مالكا خازن النار، فإذا هو رجل عابس يعرف الغضب في وجهه، فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم أي بالسلام ثم أغلقت دونه» انتهى.
وفي الأصل: وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «وقد رأيتني: أي يخبر أنه صلى الله عليه وسلم رأى نفسه في جماعة من الأنبياء، فحانت الصلاة» أي حضرت إرادة الصلاة فأممتهم، أي صليت بهم إماما «قال قائل: يا محمد هذا مالك خازن النار فسلم عليه فبدأني بالسلام. قال: وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: ما لي لم آت لأهل سماء إلا رحبوا بي وضحكوا إلا غير واحد سلمت عليه فردّ عليّ السلام ورحب بي ودعا لي ولم يضحك لي؟ قال: ذلك مالك خازن النار، لم يضحك منذ خلق ولو ضحك لأحد لضحك إليك» انتهى.
أقول: وهذا السياق يدل على أن ضحك من لقيه من الأنبياء والملائكة في السموات له صلى الله عليه وسلم سقط من جميع روايات المعراج، إذ لم يذكر في شيء منها على ما علمت. ويدل على أن مالكا خازن النار وجده في السماء السابعة وأنه مرة بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام، ومرة بدأه النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام، والمناسب أن يكون في المرة الأولى هو الذي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام وهو عند الباب. ثم رأيت الطيبي صرح بذلك حيث قال: إنما بدأ خازن النار بالسلام عليه، ليزيل ما استشعر من الخوف منه، لما ذكر من أنه رأى رجلا عابسا يعرف الغضب في وجهه، فلا ينافيه ما ذكره السهيلي من أنه صلى الله عليه وسلم لم يره على الصورة التي يراه عليها المعذبون في الآخرة، ولو رآه عليها لم يستطع أن ينظر إليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم «لم آت أهل سماء إلى آخره» قد يعارضه ما جاء «أنه صلى الله عليه وسلم، قال لجبريل: ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا؟ قال: ما ضحك منذ خلقت النار» وفيه أن هذا يفيد أن ميكائيل كان موجودا قبل خلق النار وإيجادها، وهذا لا ينافي أن ميكائيل