للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أستوصي به، بل هو يستوصي بي» هذا كلامه. ولم يتعقبه بأن هذا كان بعد موت أبي طالب قال: وكان ائتمارهم يوم السبت.

فقد «سئل صلى الله عليه وسلم عن يوم السبت؟ فقال: يوم مكر وخديعة، قالوا: ولم يا رسول الله؟ قال: إن قريشا أرادوا أن يمكروا فيه بي» أي أرادوا فيه المكر «فأنزل الله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا

[الأنفال: الآية ٣٠] .

وفي سيرة الحافظ الدمياطي «فاجتمع أولئك القوم من قريش يتطلعون من صير الباب أي شقه ويرصدونه يريدون بياته: أي يوقعون به الأمر ليلا ويأتمرون أيهم يحمل على المضطجع» وفيه أن ائتمارهم في ذلك لا يناسب ما اجتمع رأيهم عليه من أنهم يجتمعون على قتله ليتفرق دمه في القبائل.

ثم رأيت بعضهم قال: وأحدقوا ببابه صلى الله عليه وسلم وعليهم السلاح يرصدون طلوع الفجر ليقتلوه ظاهرا فيذهب دمه لمشاهدة بني هاشم قاتله من جميع القبائل فلا يتمّ لهم أخذ ثأره وهو المناسب لما ذكر، والله أعلم.

فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم: أي علم ما يكون منهم «قال لعليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: نم على فراشي، واتشح بردائي هذا الحضرمي، وقد كان يشهد فيه العيدين، وقد كان طوله أربعة أذرع، وعرضه ذراعان وشبر» وهل كان أخضر أو أحمر؟ يدل للثاني قول جابر «كان يلبس رداء أحمر في العيدين والجمعة» ثم رأيت في بعض الروايات أنه كان أخضر فلينظر الجمع.

وفي سيرة الدمياطي «وارتد بردائي هذا الأحمر» والحضرمي: منسوب إلى حضر موت التي هي البلدة أو القبيلة باليمن. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسجى بذلك البرد عند نومه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم» .

أقول: وأما ما روي «أن الله تعالى أوحى إلى جبريل ومكائيل: أني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب: آخيت بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم فبات على فراشه ليفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه فنزلا فكان جبريل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، فقال جبريل: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب؟ باهى الله بك الملائكة، وأنزل الله عز وجل وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ [البقرة: الآية ٢٠٧] قال فيه الإمام ابن تيمية: إنه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث والسير.

وأيضا قد حصلت له الطمأنينة بقول الصادق له «لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم» فلم يكن فيه فداء بالنفس ولا إيثار بالحياة، والآية المذكورة في سورة البقرة

<<  <  ج: ص:  >  >>