للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال شعبة: لأن أشرب من بول حمار حتى أروى أحبّ إليّ من أن أقول حديثا عن أبان بن أبي عياش، وقال فيه مرة أخرى: لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان. وقد طلب من شعبة أن يكف عن أبان هذا، فقال: الأمر دين، وهذا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد بين ابن حبان عذر أبان بأنه كان يروي عن أنس وأبان مجالس الحسن البصري فكان يسمع كلامه، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن عن أنس مرفوعا وهو لا يعلم. وعلى تقدير صحة ما قاله لا منافاة أيضا، لأنها كانت من مال أبي بكر قبل أن يأخذها صلى الله عليه وسلم بثمنها.

على أن في الترمذي ما وافق ما رواه أبان. ففيه عن عليّ رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم «رحم الله أبا بكر، زوّجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة وصحبني في الغار، وأعتق بلالا من ماله» .

قال: وهذا حديث غريب والله أعلم.

وكان الثمن عن تلك الناقة التي هي القصواء، وقد عاشت بعده صلى الله عليه وسلم، وماتت في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه أو الجدعاء أربعمائة درهم، أي لما علمت أن الناقتين اشتراهما أبو بكر بثمانمائة درهم.

وأما ناقته صلى الله عليه وسلم العضباء فقد جاء «أن بنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تحشر عليها» .

قالت عائشة رضي الله تعالى عنها «فجهزناهما أحب الجهاز» أي أسرعه.

والجهاز: بكسر الجيم أفصح من فتحها. ما يحتاج إليه في السفر «ووضعنا لهما سفرة في جراب» أي زادا في جراب، لأن السفرة في الأصل الزاد الذي يصنع للمسافر، ثم استعمل في وعاء الزاد «وكان في السفرة شاة مطبوخة فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب أي وأبقت الأخرى نطاقا لها» وهو يوافق ما في صحيح مسلم عن أسماء رضي الله تعالى عنها أنها قالت للحجاج: بلغني أنك تقول أي لولدها عبد الله بن الزبير تعيره بابن ذات النطاقين، أما أنا والله ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وأما الآخر فنطاق المرأة: أي الذي لا تستغني عنه، أي عند اشتغالها؛ لأن النطاق ما تشدّ به المرأة وسطها لئلا تعثر في ذيلها على ثوب يلقى على أسفله. وقيل النطاق إزار فيه تكة؛ ومن ثم جاءت ذات النطاق: أي وكلاهما صحيح، لكن في لفظ «قطعت نطاقها قطعتين، فأوكت بقطعة منه فم الجراب، وشدّت فم القربة بالباقي» ، أي فلم يبق لها شيء منه ويوافقه ما في البخاري عن أسماء: لم نجد لسفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي لمحلها الذي هو الجراب ولا لسقائه أي الذي هو القربة ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: لا والله ما أجد شيئا

<<  <  ج: ص:  >  >>