للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربط به إلا نطاقي، قال فشقيه اثنين، واربطي بواحد السقاء الذي هو القربة وبواحد السفرة ففعلت، فلذلك سميت ذات النطاقين: أي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها «أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة» .

وفيه أن الرواية الأولى التي عن عائشة، والرواية الثانية التي عن أسماء رواها مسلم لم يذكر السقاء. وفي رواية البخاري ذكر السقاء وإسقاط الجراب، لكن ذكر بعد الجراب السفرة.

وقد يقال: المراد بربط السفرة ربط محلها الذي هو الجراب كما أشار إليه.

قال بعضهم: وما تقدم عن مسلم ينبغي أن يكون أقرب إلى الضبط، لأن أسماء قالت في آخر عمرها مخبرة عن نفسها: أي ولم تربط إلا الجراب بأحد شقي النطاق وأبقت لها الآخر.

وقد يقال: الحصر ليس في محله لمنافاته لرواية البخاري. وحينئذ يجمع بأنه بجوازها لما شقت النطاق نصفين قطعت أحدهما قطعتين، فشدت بإحداهما الجراب والأخرى السقاء، فهي ذات النطاقين الذي أبقته، والذي فعلت به ما ذكر.

وفي السيرة الهشامية أن أسماء بنت أبي بكر جاءت إليهما لما نزلا من الغار بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما فدهشت لغلق السفرة، فإذا ليس لها عصام، فشقت نطاقها فجعلته عصاما فعلقتها به وانتطقت الآخر: أي وهذا يدل على أن المراد بقول عائشة: فجهزناهما أحب الجهاز: أي عند خروجهما من الغار، لا عند ذهابهما إلى الغار كما قد يتبادر من السياق. ثم على المتبادر جرى ابن الجوزي حيث قال:

أسما بنت أبي بكر أسلمت بمكة قديما، وبايعت وشقت نطاقها ليلة خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار، فجعلت واحدا لسفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخر عصاما لقربته، فسميت ذات النطاقين هذا كلامه.

وقد قال: لا مانع من تعدد ذلك، وكون النطاق ما تشد به المرأة وسطها لئلا تعثر في ذيلها يخالفه قول بعضهم: النطاق هو ثوب تلبسه المرأة ثم تشد وسطها بحبل ثم ترسل الأعلى على الأسفل، وهذا يوافق القيل المتقدم، ولعل له إطلاقين، ويوافق الثاني ما قيل أول من فعله هاجر أم إسماعيل، اتخذته لتخفي أثر مشيتها على سارة، ولعله عند خروجها لما أمره الله عز وجل بإخراجها مع إبراهيم، فيذهب بها إلى مكة قبل أن تركب مع إبراهيم على البراق.

«ثم استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل، وهو عبد الله بن أريقط» ويقال ابن أرقط أو أرقد اسم أمه، فأريقط مصغرها «ليدلهما على الطريق للمدينة» وكان على دين قريش، أي ثم أسلم بعد ذلك. وقيل لم يعرف له إسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>