للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركبها من منزل أبي بكر إلى الغار كما هو ظاهر الرواية.

وفي الخصائص الكبرى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «لما تشاور المشركون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطلع الله نبيه على ذلك، فخرج تلك الليلة حتى أتى الغار، فلما أصبحوا اقتفوا أثره صلى الله عليه وسلم، فلما بلغوا الجبل» الحديث، أي وهو مخالف لما تقدم من أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الغار كان في الليلة الثانية لا في ليلة خروجه على قريش.

وقد يقال: لا منافاة، لأن قوله: حتى لحق بالغار غاية لمطلق الخروج من بيته لا في خصوص تلك الليلة، أي خرج من بيته واستمر على خروجه حتى لحق بالغار وذلك في الليلة الثانية، لكن تقدم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى بيت أبي بكر متقنعا في وقت الظهيرة فليتأمل.

وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بخروجه إلى الهجرة وأمره أن يتخلف بعده حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس، لأنه لم يكن بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من أمانته، أي ولعل إعلام عليّ بذلك كان عند توجهه صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر، لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم اجتمع بعلي رضي الله تعالى عنه بعد ذلك إلا في المدينة لكن سيأتي عن الدرّ ما يقتضي أنه اجتمع به عند خروجه من الغار.

وفي الفصول المهمة «أنه صلى الله عليه وسلم وصى عليا رضي الله تعالى عنه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهرا على أعين الناس، وأمره أن يبتاع رواحل للفواطم» : فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ولمن هاجر معه من بني هاشم ومن ضعفاء المؤمنين، وشراء علي رضي الله عنه الرواحل مخالف لما يأتي في الأصل «أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلي عليّ حلة وأرسل يقول: تشقها خمرا بين الفواطم، وهي فاطمة بنت حمزة، وفاطمة بنت عتبة، وفاطمة أم علي، وفاطمة بنته صلى الله عليه وسلم» وإرساله لتلك الحلة كان بعد وصوله إلى المدينة فليتأمل.

قال في الفصول المهمة: وقال له: أي لعليّ «إذا أبرمت ما أمرتك به كن على أهبة الهجرة إلى الله ورسوله، وبقدوم كتابي عليك، وإذا جاء أبو بكر توجهه خلفي نحو بئر أم ميمون» وكان ذلك في فحمة العشاء، والرصد من قريش قد أحاطوا بالدار ينتظرون أن تنتصف الليلة وتنام الناس، ودخل أبو بكر على عليّ وهو يظنه: أي وأبو بكر يظن عليا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج نحو بئر أم ميمون، وهو يقول لك: أدركني، فحلقه أبو بكر، ومضيا جميعا يتسايران حتى أتيا جبل ثور فدخلا الغار، فليتأمل الجمع بينه وبين ما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>