للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يراعها حيث تذهب ساعة من العشاء ويغدو بها عليهما ثم يغلس: أي إذا خرج من عندهما عبد الله تبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يقفو أثر قدميه، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث: أي وذلك بإرشاد من أبي بكر رضي الله تعالى عنه.

ففي السيرة الهشامية: وأمر أبو بكر ابنه عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن يستمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر. وأمر عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه نهارا، ثم يريحها عليهما إذا أمسى في الغار، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها تأتيهما إذا أمست بما يصلحهما من الطعام.

أقول: وفي الدر عن عائشة رضي الله تعالى عنها: ما كان أحد يعلم مكان ذلك الغار إلا عبد الله بن أبي بكر وأسماء بنت أبي بكر، فإنهما كانا يختلفان إليهما وعامر بن فهيرة، فإنه كان إذا سرح غنمه مر بهما فحلب لهما.

وفي الفصول المهمة «وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام بلياليها في الغار وقريش لا يدرون أين هو؟ وأسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها تأتيهما ليلا بطعامهما وشرابهما، فلما كان بعد الثلاث أمرها صلى الله عليه وسلم أن تأتي عليا وتخبره بموضعهما وتقول له يستأجر لهما دليلا ويأتي معه بثلاث من الإبل بعد مضي ساعة من الليلة الآتية: أي وهي الليلة الرابعة: فجاءت أسماء إلى علي كرم الله وجهه فأخبرته بذلك، فاستأجر لهما رجلا يقال له الأريقط بن عبد الله الليثي، وأرسل معه بثلاث من الإبل فجاء بهن إلى أسفل الجبل ليلا، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رغاء الإبل نزل من الغار هو وأبو بكر فعرفاه» أي والذي في البخاري «فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا» .

وتقدم أن المستأجر لهما للدليل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر.

وقد يجمع بأن المراد باستئجار علي رضي الله تعالى عنه إعطاؤه الأجرة، وكونه استأجر لهما ثلاث رواحل وأتى بها معه فيه نظر ظاهر، وركب النبي صلى الله عليه وسلم وركب أبو بكر وركب الدليل.

وفي الدر المنثور «فمكث هو صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاثة أيام يختلف إليهما بالطعام عامر بن فهيرة وعليّ يجهزهما، فاشترى ثلاثة أباعر واستأجر لهم دليلا، فلما كان في بعض الليل من الليلة الثالثة أتاهم عليّ بالإبل والدليل» . فليتأمل ذلك مع ما قبله.

وفي حديث مرسل «مكثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا ثمر البرير» أي الأراك. وتقدم في باب رعية الغنم أن ثمر الأراك النضيج يقال له الكباث بكاف فباء موحدة مفتوحتين فثاء مثلثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>