وعبارة بعضهم: وفي السنة الرابعة والعشرين زاد عثمان النداء على الزوراء يوم الجمعة ليسمع الناس فيأتوا إلى المسجد؛ وأول من أحدثه بمكة الحجاج، والتذكير قبل الأذان الأول الذي هو التسبيح أحدث بعد السبعمائة في زمن الناصر محمد بن قلاوون.
وأول ما أحدثت الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم: أي على الكيفية المعهودة الآن بعد تمام الأذان على المنارة، أي في غير المغرب في زمن السلطان المنصور حاجي بن الأشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي في أواخر القرن الثامن، واستمر ذلك إلى الآن، لكن في غير أذان الصبح الثاني وغير أذان الجمعة أول الوقت، أما أذان الصبح الثاني وأذان الجمعة المذكور، فتقدم الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم على الأذان فيهما، وكان أحدث ذلك في زمان صلاح الدين بن أيوب، ولعل الحكمة في ذلك، أما في الأول فلاستيقاظ النائم، وأما في الثاني فلأجل حصول التكبير المطلوب في الجمعة.
ولا يخفى أن من السنة مطلق الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بعد فراغ الأذان ففي مسلم «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ» وقيس بذلك الإقامة، فالأذان والإقامة من المواطن التي يستحب فيها الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)[الشّرح: الآية ٤] فقد قيل في معناه: لا أذكر إلا وتذكر معي، لكن بعد فراغهما لا عند الابتداء بهما كما يقع لبعض الأروام أن يقول المقيم للصلاة عند ابتداء الإقامة اللهم صل على سيدنا محمد الله أكبر الله أكبر فإن ذلك بدعة.
ومن البدع التطريب في الأذان والتلحين فيه. وفي كلام إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه: ويكون الأذان مرسلا بغير تمطيط ولا تغن. قيل التمطيط التفريط في المد والتغني أن يرفع صوته حتى يجاوز المقدار.
ومن البدع رفع المؤذنين أصواتها بتبليغ التكبير لمن بعد عن الإمام من المقتدين. قال بعضهم: ولا بأس به لما فيه من النفع، أي حيث لم يبلغهم صوت الإمام بخلاف ما إذا بلغهم.
ففي كلام بعضهم: التبليغ بدعة منكرة باتفاق الأئمة الأربعة حيث بلغ المأمومين صوت الإمام، ومعنى منكرة أنها مكروهة.
وأول ما أحدث التسبيح بالأسحار في زمن موسى عليه الصلاة والسلام حين كان بالتيه، واستمر إلى أن بنى داود عليه الصلاة والسلام بيت المقدس، فرتب فيه جماعة يقومون به على الآلات إلى ثلث الليل الأخير، ثم بعد ثلث الليل الأخير يقومون به على الآلات عند الفجر.