يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [آل عمران: الآية ١٠٠] الآية، وقد قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وهو بين الصفين رافعا بها صوته، فألقوا السلاح وفعلوا ما تقدم.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أن يهود كانوا يستفتحون» أي يستنصرون «على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه» أي يقولون سيبعث نبي صفته كذا وكذا نقتلكم معه قتل عاد وإرم كما تقدم عند مبايعة العقبة، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء: يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن أهل شرك وكفر، وتخبرونا أنه مبعوث، وتصفونه لنا بصفته، فقال سلام» أي بالتشديد «ابن مشكم من عظماء يهود بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، ما هو الذي كنا نذكره لكم، فأنزل الله تعالى في ذلك قوله تعالى وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩)[البقرة: الآية ٨٩] » .
وقيل في سبب نزول قوله تعالى ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: الآية ٩١] أنه صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الصيف وكان رئيسا على اليهود: أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها أن الله يبغض الحبر السمين، فأنت الحبر السمين قد سمنت من مالك الذي تطعمك اليهود، فضحك القوم، فغضب والتفت إلى عمر رضي الله تعالى عنه، فقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فقالت له اليهود: ما هذا الذي بلغنا عنك؟ فقال:
إنه أغضبني فنزعوه من الرياسة وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف» أي لأن في قوله المذكور طعنا في التوراة.
وقيل «إن يهود المدينة من بني قريظة وبني النضير وغيرهم كانوا إذا قاتلوا من بينهم من مشركي العرب من أسد وغطفان وجهينة وعذرة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي الذي وعدت أنك باعثه في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم» وفي لفظ «قالوا: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة فينصرون» وفي لفظ «يقولون: اللهم ابعث النبي الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم» وفي لفظ «أن يهود خيبر كانت تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت يهود، فدعت يوما: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فيهزموا غطفان وصار اليهود يسألونه صلى الله عليه وسلم عن أشياء ليلبسوا الحق بالباطل» أي ومن جملة ما سألوه صلى الله عليه وسلم عن الروح؛ فعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال «كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث المدينة يتوكأ على عسيب» أي جريدة من جريد النخل «إذ مر بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: لا تسألوه لئلا يسمعكم ما