للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكرهون» وفي رواية: «لئلا يستقبلكم بشيء تكرهونه» أي يجيبكم بما هو دليل عندكم على أنه النبي الأمي وأنتم تنكرون نبوّته «فقاموا إليه فقالوا: يا محمد» وفي رواية «يا أبا القاسم ما الروح؟» وفي رواية «أخبرنا عن الروح فسكت» قال ابن مسعود: فظننت أنه صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، فقال وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [الإسراء: الآية ٨٥] أي التي يكون بها الحيوان حيا قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: الآية ٨٥] فقالوا: هكذا نجد في كتابنا أي التوراة» وقد تقدم الكلام على ذلك عند الكلام على فترة الوحي.

قال صاحب الإفصاح: إنه إنما سأل اليهود عن الروح تعجيزا وتغليطا؛ لأن الروح تطلق بالاشتراك على الروح للإنسان، وعلى القرآن، وعلى عيسى، وعلى جبريل، وعلى ملك آخر، وعلى صنف من الملائكة، فقصد اليهود أنه بأي شيء أجابهم به، قالوا: ليس هو، فجاءهم الجواب مجملا، فكان هذا الجواب لرد كيدهم، لأن كل واحد مما ذكر أمر من مأمورات الحق تعالى. ولما أنزل الله تعالى في حق اليهود وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: الآية ٨٥] قالوا أوتينا علما كثيرا، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا، فأنزل الله تعالى قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) [الكهف: الآية ١٠٩] وفي الكشاف «أنهم قالوا: نحن مخصوصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه؟

فقال صلى الله عليه وسلم: نحن وأنتم لم نؤت من العلم إلا قليلا، فقالوا: ما أعجب شأنك، ساعة تقول وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة: الآية ٢٦٩] وساعة تقول هذا، فنزلت وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [لقمان: الآية ٢٧] هذا كلامه «وسألوه صلى الله عليه وسلم متى الساعة إن كنت نبيا» فأنزل الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [الأعراف: الآية ١٨٧] الآية» .

أي «وجاء يهوديان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ [الإسراء: الآية ١٠١] ، فقال صلى الله عليه وسلم لهما لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، وعليكم يا يهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت، فقبلا يديه ورجليه صلى الله عليه وسلم وقالا: نشهد أنك نبيّ، قال: ما يمنعكما أن تسلما؟ فقالا: نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا يهود» .

أي «وسألوه صلى الله عليه وسلم عن خلق السموات، أي في أيّ زمن، والأرض وما بينهما، أي مدة ما بينهما؟ فقال لهم: خلق الأرض في يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال وما فيها يوم الثلاثاء» أي، ولذلك يقول الناس إنه يوم ثقيل «وخلق البحر والماء والمدائن والعمران والخراب يوم الأربعاء، وخلق السموات يوم الخميس، وخلق الشمس والقمر والنجوم والملائكة يوم الجمعة، قالوا: ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>