استوى على العرش، قالوا: قد أصبت لو تممت ثم استراح» أي لو قلت هذا اللفظ، لأنهم يقولون إنه استراح جل وعز يوم السبت، ومن ثم يسمونه يوم الراحة، فأنزل الله تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) [ق: الآية ٣٨] أي تعب فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [طه: الآية ١٣٠] .
وفي رواية «خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق الأنهار والأشجار يوم الأربعاء، وخلق الطير والوحش والسباع والهوام والآفة يوم الخميس، وخلق الإنسان يوم الجمعة، وفرغ من الخلق يوم السبت» .
وهذا يشكل على ما تقدم أن مبدأ الخلق يوم السبت حتى يكون آخر الأسبوع يوم الجمعة، وهو الراجح على ما تقدم.
وقد قيل في سبب نزول قوله تعالى شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ [آل عمران: الآية ١٨] إلى قوله إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران:
الآية ١٩] أن حبرين من أراضي الشام لم يعلما ببعثته صلى الله عليه وسلم، فقدما المدينة، فقال أحدهما للآخر: ما أشبه هذه بمدينة النبي الخارج في آخر الزمان، فأخبرا بمهاجرة النبي صلى الله عليه وسلم ووجوده في تلك المدينة، فلما رأياه قالا له: أنت محمد؟ قال: نعم، قالا: نسألك مسألة إن أخبرتنا بها آمنا، فقال صلى الله عليه وسلم: اسألاني، فقالا: أخبرنا عن أعظم الشهادة في كتاب الله تعالى، فنزلت هذه الآية، فتلاها صلى الله عليه وسلم عليهما فآمنا» .
قال: وعن قتادة رضي الله تعالى عنه «أن رهطا من اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد هذا الذي خلق الجن والإنس من خلقه» وفي لفظ «خلق الله الملائكة من نور الحجاب، وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربك من أي شيء خلق؟ فغضب صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه، فجاء جبريل عليه الصلاة والسلام، وقال له:
خفض عليك، فأنزل الله تعالى عليه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) [الإخلاص: الآية ١] السورة» أي متوحد في صفات الجلال والكمال، منزه عن الجسمية، واجب الوجود لذاته:
أي اقتضت ذاته وجوده، مستغن عن غيره، وكل ما عداه محتاج إليه اهـ.
أقول: ونزول جبريل بذلك ربما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم توقف ولم يدر ما يقول كما وقع له لما سأله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلّام رضي الله تعالى عنه، وقال له صف ربك كما سيأتي.
ثم رأيت عن الشيخين وغيرهما أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ذكر في سبب نزول هذه السورة غير ما ذكر، ولعله ما سيأتي في قصة إسلام عبد الله بن سلام، ولا مانع من تكرر النزول لأسباب مختلفة.
ثم رأيته في الإتقان ذكر أن سورة الإخلاص تكرر نزولها، فنزلت جوابا