للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن اليهود من دخل في الإسلام تقية من القتل، لما قهرهم الإسلام بظهوره واجتماع قومهم عليه، فكان هواهم مع يهود في السر، أي هم المنافقون.

وقد ذكر بعضهم «أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة منهم الجلاس بجيم مضمومة فلام مخففة فألف فسين مهملة ابن سويد بن الصامت قال يوما إن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير، فسمعها عمير بن سعد رضي الله تعالى عنه، وهو ابن زوجة جلاس، أي فإن الجلاس كان زوجا لأم عمير، وكان عمير يتيما في حجره ولا مال له، وكان يكفله ويحسن إليه، فجاء الجلاس ليلة فاستلقى على فراشه فقال: لئن كان ما يقوله محمد حقا فلنحن شر من الحمير. فقال له عمير: يا جلاس إنك لأحب الناس وأحسنهم عندي يدا، ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنك، ولئن صمتّ عليها: أي سكت عنها ليهلكن عليّ ديني ولأحداهما أيسر علي من الأخرى فمشى إلى رسول صلى الله عليه وسلم فذكر له مقالة جلاس، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جلاس، فحلف بالله لقد كذب عليّ عمير وما قلت ما قال عمير، فقال عمير: بلى والله لقد قلته فتب إلى الله، ولولا أن ينزل القرآن فيجعلني معك ما قلته» .

وجاء «أنه صلى الله عليه وسلم استحلف الجلاس عند المنبر، فحلف أنه ما قال، واستحلف الراوي عنه فحلف لقد قال وقال: اللهم أنزل على نبيك تكذيب الكاذب وتصديق الصادق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمين، فنزل قوله تعالى يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ [التّوبة: الآية ٧٤] إلى قوله فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ [التّوبة:

الآية ٧٤] فاعترف الجلاس وتاب، وقيل منه صلى الله عليه وسلم توبته، وحسنت توبته، ولم ينزع عن خير كان يصنعه مع عمير؛ فكان ذلك مما عرف به حسن توبته، فقال صلى الله عليه وسلم لعمير: وقيت أذنك» .

ومنهم نبتل بنون مفتوحة فموحدة ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة فلام ابن الحارث قال النبي صلى الله عليه وسلم «من أحبّ أن فلينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث، كان يجلس إليه صلى الله عليه وسلم ثم ينقل حديثه للمنافقين، وهو الذي قال لهم: إنما محمد أذن، من حدثه بشيء صدقه فأنزل الله فيه وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ [التّوبة:

الآية ٦١] الآية» .

وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له «يجلس إليك رجل معك صفته كذا، تقال:

أي للحديث الذي تحدث به، كبده أغلظ من كبد الحمار، ينقل حديثك إلى المنافقين فاحذره» .

ومنهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول وهو رأس المنافقين، ولاشتهاره بالنفاق لم يعدّ في الصحابة، وكان من أعظم أشراف أهل المدينة، وكانوا قبل مجيئه صلى الله عليه وسلم للمدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>