للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند المنبر يقول «يأخذ الجبار بسمواته وأرضه بيده، ثم يقول: أنا الجبار أنا الجبار، أين الجبارون، أين المتكبرون؟ ويميل يعني النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه وشماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم» وفي رواية عنه «فقال المنبر هكذا وهكذا، فجاء وذهب ثلاث مرات» . وفي رواية عن عائشة رضي الله تعالى عنها «فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم منبره حتى قلن ليحزن، وقال: منبري هذا على ترعة» بضم المثناة فوق وإسكان الراء وبالعين المهملة «من ترع الجنة، أي أفواه جداول الجنة، وقوائم منبري رواتب أي ثوابت في الجنة» وقال صلى الله عليه وسلم «منبري على حوضي» وقال «إن حوضي كما بين عدن إلى عمان، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك، أباريقه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، وأكثر الناس ورودا عليه يوم القيامة فقراء المهاجرين. قلنا: من هم يا رسول الله؟ قال: الشعثة، رؤوسهم، الدنسة ثيابهم، الذين لا ينكحون المنعمات، ولا تفتح لهم السدد، أي الأبواب الذين يعطون الذي عليهم ولا يأخذون الذي لهم» وقال صلى الله عليه وسلم «ما بين قبري ومنبري» . وفي رواية بدل قبري «بيتي» وفي لفظ «حجرتي» والمراد قبره الشريف، فإنه في حجرته، وحجرته هي بيته صلى الله عليه وسلم «روضة من رياض الجنة» أي يكون بعينه في الجنة بقعة من بقاعها أي ينقلها الله تعالى فتكون في الجنة بعينها.

وقيل إن الصلاة والدعاء فيها يستحق بذلك من الثواب ما يكون موجبا لدخول الجنة، كما قيل بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم «الجنة تحت ظلال السيوف» مع أن تلك السيوف كانت بأرض الكفر. وقيل إنها لبركتها أضيفت إلى الجنة كما قيل في الضأن إنها من دواب الجنة.

وقال ابن حزم: ليس على ما يظنه أهل الجهل من أن تلك الروضة قطعة مقتطعة من الجنة. وقال صلى الله عليه وسلم «من حلف على منبري كاذبا ولو على سواك أراك فليتبوأ مقعده من النار» وفي رواية «إلا وجبت له النار» .

أقول: وجاء «أنه صلى الله عليه وسلم كان على المنبر يعتمد على عصا من شوحط» وفي الهدى: لم يعتمد صلى الله عليه وسلم في خطبته على سيف أبدا، وقبل أن يتخذ له المنبر كان يعتمد على قوس أو عصا، أي وقيل كان يعتمد على قوس إن خطب في الحرب وعلى عصا إن خطب في غيره.

واختلف فيها؛ يعني تلك العصا، هل هي العنزة التي كان يصلي إليها أو غيرها، وما يظنه بعض الناس من أنه كان يعتمد على سيف، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله هذا كلامه. وفيه أن بعض فقهائنا ذكر أن اعتماده

<<  <  ج: ص:  >  >>