وعن سالم بن عبيد الله الأشجعي وكان من أهل الصفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا عطس أحدكم فليحمد الله عز وجل، وليقل من عنده يرحمك الله، وليردّ عليه بقوله: يغفر الله لي ولكم» .
ومن لطيف ما اتفق أن الخليفة المنصور وشي عنده ببعض عماله، فلما حضر عنده عطس المنصور فلم يشمته ذلك العامل، فقال له المنصور: ما منعك من التشميت؟ فقال: إنك لم تحمد الله، فقال: حمدت في نفسي، فقال: قد شمتك في نفسي، فقال له: ارجع إلى عملك فإنك إذا لم تحابني لا تحابي غيري.
قال بعضهم: والحكمة في قول العاطس ما ذكر أنه ربما كان العطاس سببا لالتواء عنقه فيحمد الله على معافاته من ذلك. وقال غيره: لأن الأذى وهي الأبخرة المحتقنة تندفع به عن الدماغ الذي فيه قوة التذكر والتفكر: أي فهو بحران الرأس، كما أن العرق بحران بدن المريض، وذلك نعمة جليلة، وفائدة عظيمة، ينبغي أن يحمد الله تعالى عليها: أي ولأن الأطباء كما زعمه بعضهم نصوا على أن العطاس من أنواع الصرع، أعاذنا الله تعالى من الصرع. وقد ينازع فيه ما تقدم، وما ذكره بعض الأطباء أن العطاس للدماغ كالسعال للرئة.
قال: والعطاس أنفع الأشياء لتخفيف الرأس، وهو مما يعين على نقص المواد المحتبسة ويسكن ثقل الرأس فيحصل منه النشاط والخفة.
وفي نوادر الأصول للترمذي قال صلى الله عليه وسلم «هذا جبريل يخبركم عن الله تعالى: ما من مؤمن يعطس ثلاث عطسات متواليات إلا كان الإيمان في قلبه ثابتا» .
وفي الجامع الصغير «إن الله تعالى يحب العطاس، ويكره التثاؤب» والعطسة الشديدة من الشيطان. وفي الحديث «العطاس شاهد عدل» وفي حديث حسن «أصدق الحديث ما عطس عنده» .
وقد جاء أن روح آدم عليه السلام لما نزلت إلى خياشيمه عطس، فلما نزلت إلى فمه ولسانه قال الله تعالى له قل الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)[الفاتحة: الآية ٢] فقالها آدم عليه السلام، فقال الحق يرحمك الله يا آدم، ولذلك خلقتك» وفي رواية «وللرحمة خلقتك» أي للموت.
وقد روى الترمذي مرفوعا بسند ضعيف «العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة من الشيطان» وروى ابن أبي شيبة موقوفا بسند ضعيف أيضا «إن الله يكره التثاؤب، ويحب العطاس في الصلاة» أي فمع كون كل واحد من العطاس والتثاؤب في الصلاة من الشيطان العطاس فيها أحب إلى الله تعالى من التثاؤب فيها، والتثاؤب فيها أكره إلى الله تعالى من العطاس فيها، لأن الكراهة مقولة بالتشكيك.