للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قلت لنفسي: لقد عوّدني الله على الصدق خيرا، فقلت لا، فضرب بقضيبه السرير.

قال: فمن؟ بكر ذلك مرارا، قلت: لكن عبد الله بن أبيّ ابن سلول.

ووقع لسليمان بن يسار مع هشام بن عبد الملك نحو ذلك؛ فإن سليمان بن يسار رحمه الله دخل على هشام بن عبد الملك. فقال له: يا أبا سليمان الذي تولى كبره من هو؟ قال: عبد الله بن أبيّ. قال: كذبت هو عليّ، قال: أنا أكذب، لا أبا لك، لو نادى مناد من السماء إن الله أحل الكذب ما كذبت. حدثني عروة وسعيد وعبد الله وعلقمة رحمهم الله، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: الذي تولى كبره عبد الله بن أبيّ.

وعن عائشة رضي الله عنها «أنه ذكر عندها حسان بسوء فنهتهم، وقالت:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق» وفي البخاري «كانت عائشة رضي الله عنها تنكر أن يسب عندها حسان وتقول: إنه الذي قال:

فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء

فبهذا البيت يغفر الله تعالى له» .

وذكر بعضهم أن الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش عبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان ابن عمه صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن العاص، وضرار بن الحارث.

ولما أراد حسان رضي الله عنه أن يهجوهم، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان ابن عمي؟ فقال له: والله لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فقال له صلى الله عليه وسلم ائت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك.

فكان يجيء إلى أبي بكر ليوقفه على أنسابهم، فجعل حسان يهجوهم، فلما سمعوا هجوه. قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة: وعاش حسان رضي الله عنه مائة وعشرين سنة، نصفها في الجاهلية، ونصفها في الإسلام، وعاش والده مائة وعشرين سنة، وكذا جده ووالد جدّه.

قال بعضهم: ولا يعرف أربعة تناسلوا وتساوت أعمارهم غيرهم، ولم يشهد حسان مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدا، لأنه كان يخشى الموت، فكان ينسب للجبن. ومن ثم جعل يوم الخندق مع النساء والذراري في الآطام. وما وقع له مع صفية عمته صلى الله عليه وسلم في أمر اليهودي قتلته في ذلك المكان، وما قاله لها يدل على أنه كان جبانا شديد الجبن.

ويردّ إنكار بعض العلماء كونه جبانا قال: إذ لو صح ذلك لهجي به، فإنه كان يهاجي الشعراء، وكانوا يردون عليه، فما عيره أحد منهم به ولا وسمه به، ولعله كان

<<  <  ج: ص:  >  >>