للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به علة اقتضت جعله مع الذراري في الآطام منعته من شهود القتال، هذا كلامه.

وقد يقال: على تسليم أنه لم يهج بالجبن يجوز أن يكون لكونه كان لا يتأثر بوصفه بذلك.

وذكر بعضهم أن حسان رضي الله عنه شلت يداه بضربة ضربها له صفوان بسيف لما هجاه فذكر ذلك حسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا حسان وصفوان، أي وأظهر التغيظ على صفوان بسبب إظهاره السلاح على حسان وضربه به، فقال صفوان: يا رسول الله آذاني وهجاني، فاحتملني الغضب فضربته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان: يا حسان أحسن فيما أصابك، قال: هي لك. وفي رواية قال: كل حق لي قبل صفوان فهو لك، فقال له صلى الله عليه وسلم: قد أحسنت وقبلت ذلك منك، وأعطاه رسول صلى الله عليه وسلم عوضا منها حديقة له، يقال لها بئر حا بفتح الراء في الأحوال الثلاثة مع قصر حا. قيل لها ذلك لأن الإبل يقال لها إذا وردت وزجرت عن الماء حا، حا.

وفيه أنه كان القياس أن يقال بئرحا بضم الراء في حالة الرفع وحدها، إلا أن يقال المجموع اسم مركب، وكانت هذه البئر لأبي طلحة رضي الله عنه فتصدق بها على رسول الله ليضعها صلى الله عليه وسلم حيث شاء، ثم باعها حسان من معاوية بمال عظيم.

أقول: الذي في البخاري: «كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثر أنصاري بالمدينة مالا؛ وكان أحب أمواله إليه بئرحا، وهي حديقة كانت مستقبلة المسجد. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويستظل بها ويشرب من ماء فيها طيب. فلما نزلت لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: الآية ٩٢] قام أبو طلحة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله يقول في كتابه لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: الآية ٩٢] وإن أحب أموالي إليّ بئرحا، وإنه صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله تعالى، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال صلى الله عليه وسلم: بخ بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، قد سمعت ما قلت فيها، قد قبلناها منك، ورددناها عليك، وأرى أن تجعلها في الأقربين. قال: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه» وفي لفظ آخر في البخاري «قال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: اجعله لفقراء أقاربك.

فجعل لحسان وأبيّ بن كعب» .

وفيه أن أبيّ بن كعب كان غنيا، وبين في البخاري وجه قرابتهما من أبي طلحة، فذكر أن حسان يجتمع مع أبي طلحة في الأب الثالث وأبي يجتمع معه في الأب السادس، وذكر بعضهم أن أبيّ بن كعب كان ابن عمة أبي طلحة.

وفي الإمتاع أنه صلى الله عليه وسلم أعطى حسان تلك الحديقة وأعطاه سيرين جاريته أخت مارية أمّ ولده صلى الله عليه وسلم إبراهيم، فجاءت منه بابنه عبد الرحمن، وكان يفتخر بأنه ابن خالة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روت سيرين هذه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم حديثا قالت «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خللا

<<  <  ج: ص:  >  >>