للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي وقد روى أصحاب السنن الأربعة عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم أمر برجلين وامرأة فضربوا حدّهم. قال الترمذي حسن غريب. أي والمرأة حمنة بنت جحش، والرجلان أخوها عبيد الله أبو أحمد بن جحش ومسطح.

ولم يحدّ الخبيث عبد الله بن أبيّ ابن سلول، لأن الحدّ كفارة وليس من أهلها.

وقيل لأنه لم تقم عليه البينة بذلك بخلاف أولئك. وقيل لأنه كان لا يأتي بذلك على أنه من عنده بل على لسان غيره.

وفي الطبراني ومعجم النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن أبيّ ابن سلول جلد مائة وستين أي حدّ حدّين. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: وهكذا يفعل بكل من قذف زوجة نبيّ. أي ولعل المراد أنه يجوز أن يفعل به ذلك فلا ينافي ما تقدم من أن الحدّ كان ثمانين جلدة.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما «ما زنت» . وفي لفظ «لم تبغ امرأة نبيّ قط» .

وأما قوله تعالى في امرأة نوح وامرأة لوط فَخانَتاهُما [التّحريم: الآية ١٠] فالمراد آذتاهما. قالت امرأة نوح عليه السلام في حقه إنه لمجنون. وامرأة لوط عليه السلام دلت على أضيافه.

قيل: إنما جاز أن تكون امرأة النبي كافرة كامرأة نوح ولوط عليهما السلام، ولم يجز أن تكون فاجرة، أي زانية لأن النبي مبعوث إلى الكفار ليدعوهم، فيجب أن لا يكون معه منقص ينفرهم عنه والكفر غير منقص عندهم. وأما الفجور فمن أعظم النقصان.

وفي الخصائص الصغرى: ومن قذف أزواجه صلى الله عليه وسلم فلا توبة له ألبتة، كما قاله ابن عباس وغيره، ويقتل كما نقله القاضي عياض وغيره. وقيل يختص القتل بمن قذف عائشة، ويحد في غيرها حدين.

وقد وقع أن الحسن بن يزيد الراعي من أهل طبرستان. وكان من العظماء، كان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف، وكان يرسل في كل سنة إلى بغداد عشرين ألف دينار تفرق على أولاد الصحابة. فحضر عنده رجل من أشياع العلويين، فذكر عائشة رضي الله عنها بالقبيح. فقال الحسن لغلامه: يا غلام اضرب عنق هذا، فنهض إليه العلويون وقالوا: هذا رجل من شيعتنا. فقال: معاذ الله، هذا طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ [النّور: الآية ٢٦] فإن كانت عائشة رضي الله عنها خبيثة فإن زوجها يكون خبيثا، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك، بل هو الطيب الطاهر، وهي الطيبة الطاهرة المبرأة من السماء، يا غلام اضرب عنق هذا الكافر، فضرب عنقه.

وفي كتاب «الإشارات» للفخر الرازي أنه صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام التي تكلم فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>