للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تعجبوا لشأني أنا الحطيئة، ووالله لولا أني صدقت مرة واحدة في حياتي في قولي:

أرى لي وجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله

لما دخلت الجنة، ولما أدركت كوخا ولا جحرا، فتركناه واطلعنا فما رآنا أهل النار حتى ضجوا بصوت واحد أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله، فرأينا ملوكا وأكاسرة يتضاغون١ في السلاسل والأغلال، ويقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فيهتف بهم هاتف: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} .

ورأيت بجانبي امرأة تبينتها فإذا هي الخنساء تطلع مثلنا، فترى رجل كالجبل الأشم على رأسه شعلة من النار، فتمتعض وتقول يا صخر هذا تأويل قولي فيك من قبل:

وان صخرًا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار

ورأيت هناك كثيرًا من أمثال امرئ القيس وعنترة وعمرو بن كلثوم، وطرفة بن العبد، ورأيت بشار بن برد تفتح عيناه بكلاليب من نار، وكلما اشتد به الألم رفس إبليس برجله، وقال له: ما كنت لأدخل النار لولا قوي فيك.


١ يقال بات الصبيان يتضاغون من الجوع أي: يتضورون منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>