الآن نفضت يدي من تراب قبرك يا بني وعدت إلى منزلي كما يعود القائد المنكسر من ساحة الحرب لا أملك إلا دمعة لا أستطيع إرسالها، وزفرة لا أستطيع تصعيدها.
ذلك لأن الله الذي كتب لي في لوح مقاديره هذا الشقاء في أمرك، فرزقني بك قبل أن أسأله إياك، ثم استلبك مني قبل أن أستعفيه منك، قد أراد أن يتمم فضاءه فيَّ، وأن يجرعني الكأس حتى ثمالتها فحرمني حتى دمعة أرسلها، أو زفرة أصعّدها، حتى
لا أجد في هذه، ولا تلك ما أتفرّج به مما أنا فيه، فله الحمد راضيا وغاضبا، وله الثناء منعما وسالبا، وله مني ما يشاء من الرضى بقضائه، والصبر على بلائه.
رأيتك يا بني في فراشك عليلا فجزعت، ثم خفت عليك الموت ففزعت، وكأنما كان يخيل إلي أن الموت والحياة شأن من شؤون الناس، وعمل من الأعمال التي تملكها أيديهم فاستشرت الطبيب في أمرك فكتب لي الدواء، ووعدني بالشفاء، فجلست