للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القمار]

لا أستطيع أن أعتقد ما يسمونه الجنون الفرعي ويريدون منه جواز أن يكون الإنسان مجنونا في بعض شئونه عاقلا في باقيها، وعندي أن الرجل إما أن يكون عاقلا أو مجنونا ولا ثالث لهما.

العقل قوة يقتدر بها المرء على الاستمساك في مزالق الشهوات وبين مهابّ الأهواء, فموقفه أمامها موقف واحد، فإما أن يغلبها جميعها أو يغلبه جميعها.

أما ما يراه الرائي أحيانا من استهتار الرجل في بعض الشهوات استهتارا يستهلك نفسه ويستهوي عقله, وزهده في بعضها زهد الأعفاء المستمسكين فذلك لأنه رغب في الأولى فاسترسل وراء رغبته ولم يدعه إلى الأخرى داعٍ من خواطر قلبه ونزوات نفسه، ولو دعاه لخف إليه ولباه، ولن يسمى الرجل زاهدا أو عفيفا إلا إذا أمسك نفسه عن شهوة تدعوه إليها فيدافعها, وتتلهب بين جنبيه فيطفئها.

لا تقل: إن السكير عاقل إن رأيته غير فاسق ولا عاهر, واعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>