كنت لا أسأل الله تعالى إلا تقدم هذه الأمة وارتقاءها وبلوغها في المدنية مبلغا يؤهلها لمجاراة الأمم الغربية في عظمتها وسلطانها, فأصبحت أسأله ألا يستجيب دعائي وألا ينيلها من تلك المدنية فوق ما أنالها.
أصبحت أعتقد أن مفاسد الأخلاق والمدنية الغربية شيئان متلازمان، وأخوان متحابان، لا افتراق لأحدهما عن صاحبه إلا إذا افترقت نشوة الخمر عن مرارتها، فكيف أتمناها لأمة هي أعز علي من نفسي التي بين جنبي.
قرأت حوادث الانتحار في الغرب فقلت: قوم ضعفت قلوبهم عن احتمال حوادث الدهر وأرزائه, فلم يستطيعوا الوقوف بين يديها وقفة الشجاع المستقتل, ففروا من وجهه إلى حيث يجدون الراحة الدائمة في كسور القبور، وما أكثر الجبناء في مواقف الحروب.
قرأت حوادث المبارزة هناك فقلت: قوم عجزت يد المدنية الحاضرة أن تستل من بين جنوبهم ما كانوا يعتقدونه في عهد الهمجية