في ذلك البلد القفر من تلك الصحراء المحرقة من هذا الإقليم القاحل طائفة من فقراء المسلمين وضعفائهم, لا يملكون من الحول غير قلوب يملؤها اليقين بالله والثقة به والاعتماد عليه, ولا من القوة غير ألسنة لا تزال تهتف في صباحها ومسائها وبكورها وأصائلها بالدعاء إلى الله تعالى أن يتولى أمرهم ويسدد خطواتهم وييسر لهم السبيل إلى الخلاص من ذلك العدو القاهر الذي نزل بهم في دار أمنهم وسكونهم نزول القضاء الذي لا مرد له, ولا منتدح عنه, يريد أن يسلبهم ما أبقت يد الأيام في أيديهم من لقيمات غير سائغة, وجرعات غير هنيئة, وظل غير ظليل.
وا رحمتاه لجماعة المسلمين في طرابلس, إنهم عاجزون عن أن يعدوا لعدوهم الزاحف عليهم بقنابله ورصاصه غير أجسام ستصبح في الغد أشلاء ممزقة, تطؤها النعال وتدوسها الحوافر، وقلوب لا تزال تدق حتى تسمع دقات المدافع والبنادق فتسكن، وأرواح ستطير في علياء السماء طيران ذلك الدخان في أجواز الفضاء