أنا إن كنت حاسدا أحدا على نعمة فإني أحسد صاحب الكوخ على كوخه قبل أن أحسد صاحب القصر على قصره، ولولا أن للأوهام سلطانا على النفوس لما سجد الفقراء بين أيدي الأغنياء، ولا ورم أنف الأغنياء أن يتخذهم الفقراء أربابا من دون الله.
أنا لا أغبط الغني على غناه إلا في موطن واحد من مواطنه, فأغبطه إن رأيته يشبع الجائع ويواسي الفقير ويعود بالفضل من ماله على اليتيم الذي سلبه الدهر أباه والأرملة التي فجعها القدر في عائلها ويمسح بيده دمعة البائس والمحزون؛ ثم أرثي له بعد ذلك في جميع مواطنه الأخرى.
أرثي له إن رأيته يتربص بالفقير وقوع الضائقة به ليدخل عليه مدخل الشيطان من قلب الإنسان, فيمتص الثمالة الباقية له من ماله ليسد في وجهه باب الأمل، وأرثي له إن رأيته يعتقد أن المال هو منتهى الكمال الإنساني, فيرغب عن الفضائل