عرفت حاجتك يا بنيّ أعزك الله إلى كتاب١ يجمع لك من جيد منظوم العرب ومنثورها في حاضرها وماضيها, وفي كل فن وغرض من فنونها وأغراضها ما تستعين باستظهاره أو ترديد النظر فيه على تهذيب بيانك وتقويم لسانك, وعلمت أنك لن تستطيع أن تجد طلبتك هذه في مختار من مختارات المتقدمين، ولا في مجموعة من مجموعات المعاصرين، أما المتقدمون فهم بين نحوي لا يعجبه من الكلام إلا ما يجد فيه مذاق شواهد العلم الذي يعالجه, ولا تسكن نفسه إلا إلى البيت الذي يرى فيه عقدة يتفصح بحلها أو خطأة يتفكه بتأويلها أو نادرة من نوادر الإعراب والبناء يؤيد بها رأيا أو يساجل بها خصما, ولغوي مولع بما يشتمل على الغريب النادر من مفردات اللغة وتراكيبها, فلا يكاد يعدل بشعر الجاهلية وما جرى مجراه شعر طبقة من الطبقات ولا يرى
١ هو كتاب مختارات جمعها المؤلف من منظوم ومنثور, وقد ظهر الجزء الأول منه بهذا العنوان مفتتحا بهذه المقدمة.