في مثل هذا اليوم من كل عام يقف ركب هذا العالم السائر على منزلة من منازل الحياة, فينزل عن مطاياه ليستريح فيها ساعة من وعثاء السفر بعد أن نال منه الأين والكلال, وأنضاه سرى الليل ومسير النهار خمسة وستين وثلاثمائة يوم.
هنالك يجتمع السفر في صعيد واحد فيتعارفون ويتفقد بعضهم بعضا, فيجدون أن فلانا مات جوعا وفلانا مات ظمأ وآخر افترسه سبع وآخر قتله لص وآخر مات غيلة وآخر سقط عيا وآخر طارت به قنبلة وآخر هوت به طيارة وآخر اجتاحه بركان وآخر تردى عليه منجم، ثم يعودون إلى جرائد الإحصاء ليدونوا فيها حاضرهم كما دونوا فيها ماضيهم، ثم يوازنون بين هذا وذاك فيجدون أن الحاضر شر من الماضي, وأن ميادين الحروب لا تزال ملوثة بالدماء ومصانع الموت لا تزال تفتن في عدده وتستكثر من أدواته, وأن أغراس الشر لا تزال عالقة بنفوس البشر حتى ما يكاد أحد يتمنى أن تقع عينه على أحد, وأن