سألني بعض الأصدقاء عن رأيي في الانتقاد وشروطه وحدوده وآدابه وواجباته، ورأيي فيه ألا شروط له ولا حدود ولا آداب ولا واجبات، وأن لكل كاتب أو قائل الحق في نقد ما يشاء من الكلام، مصيبا كان أم مخطئا، محقا أم مبطلا، صادقا أم كاذبا، مخلصا أم غير مخلص؛ لأن النقد نوع من أنواع الاستحسان والاستهجان، وهما حالتان طبيعيتان للإنسان لا تنفكان عنه من صرخة الوضع إلى أنة النزع، وكل ما هو طبيعي فهو حق لا ريبة فيه ولا مراء، فإن أصاب الناقد في نقده فقد أحسن إلى نفسه وإلى الناس، وإن أخطأ فسيجد من الناس من يدله على موضع الخطأ فيه ويرشده إلى مكان الصواب منه، فلا يزال يتعثر بين الصواب والخطأ حتى يستقيم له الصواب كله.
فإن أبينا عليه أن ينتقد إلا إذا كان كفؤا في علمه, ومخلصا في عمله كما يشترط عليه ذلك أكثر الناس فقد أبينا عليه أن يخط سطرا واحدا في الانتقاد، وقضينا على ذهنه بالجمود والموت،