لا نستطيع أن ننكر عليكم معشر الأبناء أن شبابكم أعظم قوة ونشاطا وأبعد همة وأقوى عزيمة من شيخوختنا، وأن أيدينا الشاحبة المعروقة لا تستطيع أن تصل إلى ما تصل إليه أيديكم الفتية المقتدرة، وأن آراءكم وأفكاركم وجميع تصوراتكم وآمالكم التي تتلون بها شبوبيتكم أكثر حدة وحرارة وأبعد غورا وعمقا من آرائنا وتصوراتنا، ولكن الذي ننكره عليكم ونعتب عليكم فيه أشد العتب هو زرايتكم علينا واحتقاركم لنا ورميكم إيانا بالجمود مرة والخرف أخرى كلما اختلفنا معكم في شأن من الشئون، كما أننا ننعى عليكم كبرياءكم وخيلاءكم واعتدادكم بأنفسكم ذلك الاعتداد العظيم الذي يخيل إليكم معه أن هذه الألوان الجميلة التي تتلون بها حياتكم الحاضرة إنما هي خاصة بكم ووقف عليكم، لم تمر بعصر غير عصركم، ولم يزه بها شباب غير شبابكم، وأنكم أنتم أصحاب الفضل الأول في ابتكارها وافتراع عذرتها، ولو أنكم استطعتم أن تحملوا أنفسكم على الروية والأناة