إن رجلا يؤمن بالله ورسله وآياته وكتبه ويحمل بين جنبيه قلبا يخفق بالرحمة والحنان لا يستطيع أن يملك عينه من البكاء, ولا قلبه من الخفقان عندما يرى في يوم العيد في طريقه إلى معبده أو منصرفه من زياراته طفلة مسكينة بالية الثوب كاسفة البال دامعة العين تحاول أن تتوارى وراء الأسوار والجدران خجلا من أترابها وأندادها أن تقع أنظارهن على بؤسها وفقرها ورثاثة ثوبها وفراغ يدها من مثل ما تمتلئ به أيديهن, فلا يجد بدا من أن يدفع عن نفسه ذلك الألم بالحنو عليها وعلى بؤسها ومتربتها؛ لأنه يعلم أن جميع ما اجتمع له من صنوف السعادة وألوانها لا يوازي ذرة واحدة من السعادة التي يشعر بها في أعماق قلبه عندما يمسح بيده تلك الدمعة المترقرقة في عينيها.
حسب البؤساء من محن الدهر وصروفه أنهم يقضون جميع أيام حياتهم في سجن مظلم من بؤسهم وشقائهم, فلا أقل من أن يتمتعوا برؤية أشعة السعادة في كل عام مرة أو مرتين.