إليها عن خشونته وشدته، فشكرت له فضله ومروءته وجبينها يرفضّ عرقا حياء من فعلتها، ولم يفارقهما حتى أسدى إليهما من النعم ما جعل عيدهما أسعد, وأهنأ مما كانا يظنان.
لا تأتي ليلة العيد حتى يطلع في سمائها نجمان مختلفان؛ نجم سعود ونجم نحوس، أما الأول فللسعداء الذين أعدوا لأنفسهم صنوف الأردية والحلل ولأولادهم اللعب والتماثيل ولأضيافهم ألوان المطاعم والمشارب, ثم ناموا ليلتهم نوما هادئا مطمئنا تتطاير فيه الأحلام الجميلة حول أسرتهم تطاير الحمائم البيضاء حول المروج الخضراء، وأما الثاني فللأشقياء الذين يبيتون ليلتهم على مثل جمر الغضى يئنون في فراشهم أنينا يتصدع له القلب, ويذوب له الصخر حزنا على أولادهم الواقفين بين أيديهم يسألونهم بألسنتهم أو بأعينهم ماذا أعدوا لهم في هذا اليوم من ثياب يفاخرون به أندادهم، ولعب جميلة يزينون بها مناضدهم، فيعللونهم بوعود يعلمون أنهم لا يستطيعون الوفاء بها.
فهل لأولئك السعداء أن يمدوا إلى هؤلاء الأشقياء يد البر والمعروف, ويفيضوا عليهم في ذلك اليوم السعيد النزر القليل مما أعطاهم الله ليسجلوا لأنفسهم في باب المروءة والإحسان ما سجل لصاحب حانوت التماثيل!