مختلفتين، خفقة الخوف من عاقبة فعلتها، وخفقة السرور بالهدية الجميلة التي ستقدمها بعد لحظات قليلة إلى ولدها، وكان صاحب الحانوت من اليقظة وحدة النظر بحيث لا تفوته معرفة ما يدور حول حانوته, فما برحت مكانها حتى تبعها يترسم مواقع أقدامها حتى عرف منزلها، ثم تركها وشأنها وذهب إلى مخفر الشرطة فجاء منه بجنديين للقبض عليها, وصعدوا جميعا إلى الغرفة التي تسكنها ففاجئوها جالسة بين يدي ولدها تنظر إلى فرحه وابتهاجه بتمثاله نظرات الغبطة والسرور، فهجم الجنديان على الأم فاعتقلاها وهجم الرجل على الولد فانتزع التمثال من يده, فصرح الولد صرخة عظمى لا على التمثال الذي انتزع منه بل على أمه المرتعدة بين يديه، وكانت أول كلمة نطق بها وهو جاثٍ بين يدي الرجل: رحمتك بأمي يا مولاي، وظل يبكي بكاء شديدا، فجمد الرجل أمام هذا المنظر المؤثر وأطرق إطراقا طويلا, وإنه لكذلك إذ دقت أجراس الكنائس مؤذنة بإشراق فجر العيد, فانتفض انتفاضة شديدة وعظم عليه أن يترك هذه الأسرة الصغيرة حزينة منكوبة في اليوم الذي يفرح فيه الناس جميعا، فالتفت إلى الجنديين وقال لهما: إني أخطأت في اتهام هذه المرأة, فإني لا أبيع هذا النوع من التماثيل، فانصرفا لشأنهما، والتفت هو إلى الولد فاستغفره ذنبه إليه وإلى أمه، ثم مشى إلى الأم فاعتذر