للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قتيلة الجوع]

قرأت في بعض الصحف منذ أيام أن رجال الشرطة عثروا بجثة امرأة في جبل المقطم فظنوها قتيلة أو منتحرة حتى حضر الطبيب ففحص أمرها وقرر أنها ماتت جوعًا.

تلك أول مرة سمعت فيها بمثل هذه الميتة الشنعاء في مصر وهذا أول يوم سَجلتْ فيه يد الدهر في جريدة مصائبنا ورزايانا هذا الشقاء الجديد.

لم تمت هذه المرأة المسكينة في مفازة منقطعة أو بيداء مِجهْل فنفزع في أمرها إلى قضاء الله وقدره كما نفعل في جميع حوادث الكون التي لا حول لنا فيها ولا حيلة بل ماتت بين سمع الناس وبصرهم وفي ملتقى غاديهم برائحهم، ولا بد أنها مرتْ قبل موتها بكثير من المنازل تطرقها فلم تسمع مجيبًا ووقفتْ في طريق كثير من الناس تسألهم المعونة على أمرها فلم تجد من يمد إليها يده بلقمة واحدة تسد بها جوعتها، فما أقسى قلب إنسان، وما أبعد الرحمة من فؤاده، وما أقدره على الوقوف موقف الثبات والصبر أمام مشاهد البؤس ومواقف الشقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>