هي قصة خيالية, الغرض منها تمثيل أبي العلاء المعري في أخلاقه وآرائه لم يكتب منها غير هذه الأيام الثلاثة، وقد نشر في الذيل من كلام أبي العلاء عند المناسبات ما يميز بين الحقائق التاريخية والتصورات الخيالية.
"اليوم الأول":
نبا بي مضجعي ليلة لهمّ نزل بي والهم رسول من رسل الشر ينزل بأهداب العيون, فلا يزال يسعى سعيه حتى يوقظ الفتنة بين أشياعها، فظللت أساهر الكوكب حتى ملني ومللته وضاق كل منا بصاحبه ذرعا، فلما تقضى الليل إلا أقله ولم يبق إلا أن تنفرج لمة الظلام عن جبين الصباح سمعت طارقا يدق الباب دقا ضعيفا ما كدت أتبينه لولا هدوء الليل وسكونه، فقلت: من الطارق؟ قال: غريب حائر ضل به سبيله في هذه الرقعة السوداء, وأعوزه المأوى يطلب كريما يعتمد عليه، ومضجعا يأوي إليه، وقد أعد لمن يسدي إليه تلك النعمة ذخيرة صالحة من شكر لا يبلى ودعاء لا يخيب، فأعجبت بعابر سبيل يمر بعفو