كان المرحوم الشيخ محمد عبده يقرأ في مسجد الأزهر درسا عنوانه التفسير, وحقيقته البحث في كل ما يتعلق بالمرء في حياتيه الآخرة والأولى، فكان الرجل في ذلك الدرس مفسرا للقرآن وراويا للحديث ومعلما وواعظا, بل كان كل ما يستطيع امرؤ أن يكون.
ولقد حدثنا فيما كان يرويه لنا في دروسه من وقائعه ومشاهده أنه ركب القطار في إحدى لياليه كعادته إلى بلدته "عين شمس" فلم يستقر به المقام في مجلسه من القطار حتى وقف أمامه شيخ معمم ملتحٍ فسأله ماذا يريد فقال له: أنا يا سيدي من طلاب الامتحان في الأزهر وقد جئتك أطلب إليك أن تساعدني عليه، قال: إن كنت تريد أن أساعدك بمنع الظلم عنك فاعلم أني لا أترك يدا تمتد إليك بظلم، قال: يا سيدي, أنا رجل فقير وإنك لن تجد أحدا هو أحق بالإحسان مني، قال: لو كنت طالب إحسان لما منعتك شيئا مما أقدر عليه, ولكنك على ما أظن