علم فلان وكان شابا من شبان الخلاعة واللهو, وقاضيا من قضاة المحاكم أن المنزل الذي يجاور منزله يشتمل على فتاة حسناء من ذوات الثراء والنعمة والرفاهية والرغد, فرنا إليها النظرة الأولى فتعلقها فكررها أخرى فبلغت منه, فتراسلا ثم تزاورا ثم افترقا, وقد ختمت روايتهما بما تختم به كل رواية غرامية يمثلها أبناء آدم وحواء على مسرح هذا الوجود.
عادت الفتاة إلى أهلها تحمل بين جانحتيها هما يضطرم في فؤادها، وجنينا يضطرب في أحشائها، ولقد يكون لها إلى كتمان الأول سبيل، أما الثاني فسر مذاع، وحديث مشاع، إن اتسعت له الصدور لا تتسع له البطون، وإن ضن به اليوم لا يضن به الغد.
ذلك ما أسهر ليلها، وأقضّ مضجعها، وملك عليها وجدانها وشعورها، فلم تر لها بدا من الفرار بنفسها والنجاة بحياتها، فعمدت إلى ليلة من الليالي الداجية فلبستها وتلفعت بردائها ثم رمت