جلست ليلة أمس إلى مكتبتي وعلقت قلمي بين أصابعي وأنشأت أفكر في الموضوع الذي يجمل بي أن أكتب فيه، وتلك عادتي التي يعرفها عني كثير من خلطائي وعشرائي أنني لا أميل إلى الكتابة في بياض النهار ولا أحب أن أخط حرفا على ما أحب وأرتضي إلا في ظلام الليل وهدوئه.
ولا يظن المتفلسفون في اكتناه القائق والمولعون بالصناعة اللفظية، والأنواع البديعة، أنني أريد بذلك مراعاة النظير بين سواد المداد وسواد الظلام، أو أنني أترقب طلوع النجم لأتسلق أشعته إلى سماء الخيال، فكل ذلك لم يكن، وليس في الناس من هو أدرى بدخيلة نفسي مني، وكل ما في المسألة أن هذه عادتي، وتلك حكايتي، وكفى.
لم أكد أفرغ من التفكير في الموضوع حتى شعرت بطنين البعوض في أذني, ثم أحسست بلذعاته في يدي فتفرق من ذهني ما كان مجتمعا، وتجمع من همي ما كان مفترقا، ولم أرد بدا من