الخوف من الفقر؛ لأن عنده من المال ما يفني الأعمار, فهيهات أن يفنيه عمر واحد، ولا على الرغبة في سعادة الذرية؛ لأن محبة الأب لولده لا يمكن أن تزيد على رغبته في أن يراه شريكا له في سعادته، فأما أن يشقى هو في حياته، ليسعد ولده بعد مماته، فمما لا يقبله العقل، ولا يدخل في دائرة من دوائر الفهم، فلم يبق لنا إلا أن نتوسل إلى علماء النفس أن يأذنوا لنا بالتوسع في تفسير معنى الجنون حتى لا يكون مقصورا على المعربدين والهاذين، بل يكون شاملا للعابثين، الذين لا يدرون ما يأخذون وما يتركون، والذين يجلبون لأنفسهم بإرادتهم واختيارهم آلاما نفسية هي أشد مما يجلبه المجانين على أنفسهم بمناطحة الجدران، ومطاردة الصبيان، كما نتوسل إلى علماء الشرائع أن يضعوا قانونا لاستخراج المال من خزائن المقترين، كما وضعوا قانونا لحفظ المال في صناديق المبذرين، فإن تبذير المال يضر قوما وينفع أقواما، أما حبسه فيضر صاحبه ويضر معه الناس أجمعين.