للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سياحة في كتاب]

أعجب ما أعرف من أمر نفسي أني أحب الجمال خيالا أكثر مما أحبه حقيقة, فيعجبني وصف الروض أكثر مما يعجبني مرآه ولا أطرب لمنظر الفتيات الجميلات طربي لمنظر القصائد الغزليات، وأحب أن أسمع وصف المدن الجميلة وأن أقرأ ما يكتبه الكاتبون عن رياضها ومنازلها وقصورها ودورها وسهولها وبطاحها وأنهارها وجداولها وميادينها وتماثيلها وأنديتها ومجامعها ولا يهمني أن أراها، كأنني أريد أن أستديم لنفسي تلك اللذة الخيالية وأخاف أن تحول الحقيقة بيني وبينها، وأحسب أني لو كنت عاشقا لأصبحت أضحوكة العاشقين وأعجوبة الهازئين والساخرين، وكان يكون مثلي مثل ذلك الرجل الذي أحبَّ امرأة فاستزارها فمانعته حينا ثم زارته, فلما رآها تركها وذهب لينام, فعجبت لشأنه وسألته: ما باله؟ فقال لها: أريد أن أنام علَّني أرى طيفك في المنام.

<<  <  ج: ص:  >  >>