للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء يوم شم النسيم فخرج الناس إليه يستقبلونه استقبال الجيش المدجج، للملك المتوج، ويرحبون به ترحيب العشاق، بيوم التلاق، بعد طول الفراق، ويبسمون له ابتسام الرياض الزاهرة، للسحب الماطرة، وقد ذهبوا في شأنه المذاهب كلها؛ فمن صاعد إلى رءوس الجبال، وسارب في سهول الرمال، وواقف موقف الإعجاب والإجلال، بين جمال الأنوار وأنوار الجمال، ومقلب طرفه بين حسن الزهرات، وحسن الفتيات، ولا يعلم أتشبه القامات الغصون أم الغصون القامات.

ذهب الناس في ذلك اليوم تلك المذاهب وما كان لي أن أذهب مذهبهم؛ لأني لا أعجب بما يعجبون، ولا أسر بما يسرون، فقبعت في كسر بيتي أبحث عن ضالة خيال أجد فيها من السعادة والهناء ما يجده الهائمون بين ثغر الحسناء وثغر الصهباء، فلمحت بجانبي كتاب بلاغة الغرب وهو الكتاب الذي ترجمه بعض فضلاء الكتَّاب, وجمع فيه نفائس اللغة الفرنسية وزبدة ما جادت به قرائح كتابها وشعرائها فقلت: حسبي من الرياض هذه الزهرات، ومن النسائم تلك النفحات.

خطوت الخطوات الأولى من سياحتي في هذا الكتاب فرأيتني واقفا تحت نافذة قصر اللوفر في باريس, ورأيت الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>