للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوفا في ذلك الميدان الفسيح وقد ماج بعضهم في بعض، حتى ضاقت بهم رقعة الأرض، ورأيتهم يمدون أعناقهم إلى تلك النافذة وينظرون إليها نظر المنجم في الأسطرلاب، ويرقبون منها ما يرقب الروض من غادية السحاب، وإنهم لكذلك وإذا نابليون الأول قد أطل من نافذة قصره كما يطل البدر من وراء الأفق يحمل بين يديه طفله الصغير كما يسميه الناس وملك روما كما يسميه أبوه, فضج الناس لمطلعه ضجيجا ملأ مسمع الخافقين، وابتسموا لمرآه ابتساما أضاء ما بين المشرقين والمغربين، وهنا سمعت الشاعر الكبير١ يخاطب ذلك الملك العظيم بصوت يشبه صوت البحر الزاخر قائلا له:

رويدا أيها الرجل المغرور بالتاج والسرير، والملك الكبير، والجيش الخاضع، والشعب الطائع، أنت تقدّر لطفلك في مستقبل الأيام ملكا كملكك، ومجدا كمجدك، وعزا وسلطانا كعزك وسلطانك، غير عالم بما تكتمه ضمائر الأيام، من الحوادث العظام، والخطوب الجسام، هل أخذت على الأيام عهدا لنفسك فتأخذه لولدك؟ وهل وثقت بما في يدك فتثق بما في يد غيرك؟

أيها الملك المغرور، إنك ستفارق عما قليل هذا القصر الكبير،


١ فيكتور هيجو.

<<  <  ج: ص:  >  >>