للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ذلك الكوخ الحقير، وسيحيط بك الجند في منفاك إحاطة الإخضاع والإذلال لا إحاطة الإعظام والإجلال، وسيموت ولدك محروما هذا العرش الذي هيأته له بل محروما بضعة أشبار من تربة فرنسا يضطجع فيها ضجعة الموت.

أيها الملك المغرور، لا تقل: إن المستقبل لي فإنما المستقبل لله، تركت هذا الموقف الفخم الجليل وقد امتلأت نفسي عبرة بمصائر الأيام، ومصارع الكرام، وتقلبات الدهور ما بين رفع وخفض، وإبرام ونقض، ومشيت حتى وصلت إلى برية جرداء، ودوية قفراء، لا يطرقها إنسان، ولا يدب بها حيوان، فلمحت على البعد رجلا يمشي عى شاطئ بحر فوق أرض رملية يخدع ظاهرها، ويقتل باطنها، ويدب الماء في أحشائها دبيب الصهباء في الأعضاء، ويكمن في صدرها كمون الأسرار في صدور الأقدار.

فما هي إلا بضع خطوات حتى رأيت الرجل المسكين, وقد غاصت قدماه في الرمل فحاول نزعهما فغاص إلى ركبتيه, فتحلحل فغاص إلى صدره، وما زال يساعد على نفسه بمنازعته ومحاولته حتى لم يبق له فوق الأرض غير فم يصرخ بالنداء، وعين

<<  <  ج: ص:  >  >>