للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذرف بالبكاء، ثم ما لبثا أن غطاهما الرمل فرفع يديه بالدعاء، فلم يجد من رحمة في الأرض ولا في السماء.

وقفت بين يدي هذا المشهد المؤثر المحزن وقفة أرسلتُ فيها قطرات من الدموع على هذا البائس المسكين, وقلت في نفسي: إنني قد عجزت عن إسعاده في نكبته، ومعونته في شدته, فلا أقل من أن أسعده بقليل من الزفرات, ووشل من العبرات.

ثم فارقته ومشيت حتى بلغت منزل الشاعر لامارتين, فرأيته جالسا في غرفته وليس معه في منزله من يؤنسه غير كلبه, فسمعته يخاطبه ويقول له:

أيها الكلب الأمين، قد هجرني الناس وبقيتَ بجانبي، وخانني الأصدقاء ووفيت لي، فأنت في نظري أوفى الأوفياء، وأصدق الأصدقاء، ولولا أنك كريم الأخلاق متواضع تأبى إلا أن تعرف لسيدك منزلته من السيادة عليك وتحفظ له فضل ما أسدى من النعمة إليك لأكبرت جلستك هذه عند عتبة الباب ولأجلستك بجانبي؛ لأنك صديقي ومؤنسي، ولأنك أحق بالإكرام من كثير من أولئك الذين يفترشون الطنافس ويتوسدون الوسائد، حسبي منك نظراتك التي تنظر بها إليَّ بود وإخلاص وكأنني أشعر حينما أراك تحدِّق بي أنك تفتش عن سريرتي في أسرَّتي، وتقرأ في صفحة

<<  <  ج: ص:  >  >>